’’القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعة منظمة، أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون‘‘.
هكذا جاء تعريف الإخفاء القسري وفقا للإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 133/47 المؤرخ 18 – ديسمبر 1992ميلادية.
حرّك هذا التعريف مياها راكدة في المشهد الليبي، حيث قاد النشطاء في حقوق الإنسان والمحللين إلى تقليب بعض الأوراق والتفتيش حول جرائم الإخفاء القسري المنتشرة في ليبيا، ففي حين اشتهرب ما يسمى بالقيادة العامة والجيش الليبي المزعوم بقيادة مجرم الحرب حفتر بقضايا الإخفاء القسري في الشرق الليبي، ظهرت أجساما موازية لها في مثل هذه الجرائم في الغرب الليبي.
تكرر المشهد وسط ذهول من الشارع الليبي، تصل المليشيات لبيت من بيوت الآمنة في ليبيا، يقتحمون مسكن الضحية، منزلاً كان أم سقيفة أم كوخاً، شيخا كان أم صغيرا، رجلا أو امرأة، يجيئون في أي وقت من النهار أو الليل، يرتدون ملابس عادية، أو زيا رسميا في بعض الأحيان، ولكنهم يحملون السلاح دائما.
تأتي الأوامر في الشرق الليبي من قائد المليشيات حفتر بعدم سجن أي ضحية كانت، بل تعذيبها وتصفيتها حتى لا يعلم أهله وذويه مصيره، في مقاطع فيديو انتشرت على التواصل الاجتماعي يقول فيها “بلاش حكاية جيبه احبسه هنا ميدان انتهت القصة”. وتأتي الاستجابات ليظهر أحد قادة هذه المليشيات بمقاطع فيديو أيضا يوثق للناس عملية تصفية من لم يعرّفوا بأسمائهم ولا حتى سبب إعدامهم وهل أجريت لهم محاكمة عادلة أو حتى محاكمة غير عادلة. في مشهد يعيد الذاكرة لعام 1996ميلادية، يوم أن بطش القذافي في ليلة واحدة وبدم بارد بـ1200 سجين، ليظل أهل الشهداء في حيرة من مصير أبنائهم سنوات عديدة.
تتشابه الجرائم في الغرب الليبي ولكن بأوامر من الخارج لملاحقة العلماء والدعاة ومن لا يوافقون سياسة بعض الدول التي لا تريد السلام لليبيا، وما تغييب الشيخ نادر العمراني وقتله عنا ببعيد، وقد كان من أبرز ضحايا هذه الجرائم رغم قامته العلمية وشأنه ومكانته في العالم الإسلامي. ناهيك عن المغدور به محمود لعويلي الذي قتل ومعه امرأته في بيتهما الكائن بمنطقة الفرناج بطرابلس من إحدى المليشيات دون معرفة سبب للهجوم ثم القتل.
أثارت عمليات الاعتقال غير المشروعة وأوامر القتل السري في ليبيا، موجة من التساؤلات عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ترحب بهذا اليوم الثامن من أغسطس يوما لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، ولم يُر منها أي مواقف تجاه جرائم الإخفاء القسري في ليبيا.