• ظل التعليم في ليبيا حتى نهاية النصف الأول من القرن الماضي مقتصرا إلى حد بعيد على التعليم الديني فيما يعرف آنذاك بالزوايا. وكان لهذه الزوايا الفضل الأكبر في الحفاظ على اللغة العربية وتحفيظ القرءان وتعليم الشريعة وعلوم أصول الدين. وقد تسنى لقلة قليلة إتمام دراستهم الجامعية في جامع الأزهر بمصر ولكن كان عددهم لا يتعدى أصابع اليدين. أما الباقي فقد كان تعليمهم ذاتيا وعن طريق حلقات الدروس، ولم ينخرطوا في مدارس نظامية. ورغم هذا فقد كان هناك العديد منهم من تميزوا وممن يعدون من علماء الشرع ويشار إليهم بالبنان.

• بعد استقلال ليبيا وقيام المملكة الليبية افتتح الملك السنوسي جامعة محمد بن علي السنوسي الإسلامية بمدينة البيضاء عام 1960م فازدهرت المدارس القرآنية والمعاهد الدينية في ربوع ليبيا كلها واستمرت في عطائها إلى أن قام انقلاب القذافي المشؤوم عام 1969م

• ألغى الطاغية القذافي التعليم الديني بالتدريج حيث منع قبول الطلاب للمدارس القرآنية التي يشرف على إدارتها شيوخ أكفاء من أمثال الشيخ مصطفى قشقش رحمه الله الذي كان مسؤولها بمدينة البيضاء؛ كانت المدارس القرآنية تدرس الطلاب لمدة 6 سنوات؛ ينتقلون بعدها للمعاهد الدينية؛ وبمنع القبول للمدارس القرآنية اكتملت تصفيتها بتخرج آخر دفعة فيها؛ وفي وقت متزامن مع هذا كرر نفس الخطوات مع المعاهد الدينية.
ثم أتي إلى الجامعة الإسلامية وبها ثلاث كليات هي كلية الشريعة؛ وكلية اللغة العربية وكلية أصول الدين فدمجها كلها في كلية واحدة هي: كلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية؛ ثم في الخطوة اللاحقة أصدر قرارا بإلغاء كلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية وتحويل طلابها لكلية القانون بجامعة بنغازي.. وبهذا قضى على التعليم الديني في ليبيا كلها.

– قبل الثورة بسنوات تم افتتاح الجامعة الأسمرية بمدينة زليتن مع بعض المدارس الثانوية في بعض المدن وذلك في ظل الانفتاح الذي واكب العقد الأخير من فترة حكم نظام القذافي

• بعد ثورة  17 فبراير المباركة تمت إعادة افتتاح جامعة السيد محمد بن علي السنوسي الإسلامية؛ ومجموعة من أقسام الدراسات الإسلامية في بعض الجامعات ، كما ناقشت لجنة التعليم بالمؤتمر الوطني العام مشروع قانون يقضي بإعادة إدارة “التعليم الديني” ضمن هيكلية وزارة التعليم والتربية في عام 2013م؛ وصدر لاحقا قانون إعادة التعليم الديني سنة 2015

وبعد كل هذا الكفاح والنضال لاستعادة ثوابت الشعب الليبي؛ وقبل يومين أصدر وكيل وزير التعليم توجيها شفهيا في اجتماع مع مراقبي التعليم بالبلديات يوجه فيه بإيقاف القبول للمرحلة الإعدادية من التعليم الديني؛ الأمر الذي يراه مراقبون تراجعا كبيرا في باب الحريات  وسيرا في نفس الخطى التي سار عليها نظام القذافي في هذا المجال.