عندما يجول بخاطر مسلمة أن تزني من أجل ان تُطعم وليدها الذي مزق جوفه
الجوع، بينما قاب قوسين أو أدنى يموت خنازير الزيت بتخمة البطن وتخمة الفرج.

وعندما تنتحر مسلمة، هتك عرضها صربي من ذرية إبليس، نفخ فيه الشيطان من روحه، فملأ جوفه حقداً وغلاً وبغضاً، بينما نخوض وقد عمت أبصارنا مع الخائضين.

وعندما نواري التراب الرهط بعد الرهط، من فلذات أكبادنا، نهشت الأسقام أبدانهم، لندرة دواء أو قلة غذاء، بينما كالريح المرسلة يهب ولاة أمورنا أرزاقنا وثرواتنا وأموالنا للصرب والمجوس والصهاينة والهندوس والصابئة .. وكل ما هو وقف للمسلمين

عندها يجب أن يغضب كل شيء فينا.. وعندها يجب أن يتغير كل شيء فينا.. وعندها سيكون.. إن لم نفعل.. قد انتهى ومات كل شيء فينا.

عندما يقف فراعنة بلادنا متعالين مختالين منتفخي الأوداج متكبرين، يبسرون في وجوه المسلمين ويعبسون، يحسبون أنهم سيخرقون الأرض أو سيبلغون الجبال طولاً، بينما في أقل من رمشة عين وارتدادتها، يُمسخون أمام أهل غير المسلمين، إلى قردة خاسئين منكسي الرؤوس مطأطئين منحني الهامات، يلعقون فضلات أربابهم بخضوع وذل وخنوع.

وعندما يمشي في بقاعنا صاحب كل ملة – غير ملة الإسلام – معززا مرفوع الهامة مكرماً، بينما يُحشر أهل القبلة في جحور لا تطيق أن تتبول حتى الخنازير فيها.

عندما يصبح للغدر مراسم، فيتبادل أولو الأمر، دماءنا ودماء أبنائنا، دون خجل أو عار أو وجل.

عندها يجب أن يغضب كل شيء فينا.. وعندها يجب أن يتغير كل شيء فينا.. وعندها سيكون.. إن لم نفعل.. قد انتهى ومات كل شيء فينا

عندما تُعمر مواخير الليل، من دلوك الشمس إلى طلوع الفجر، بينما تُمنع بيوت الله، ويُسعى في خرابها، وتوصد أمام الركع السجود أبوابها.

وعندما تُحمى الفاسقات العاريات العاهرات، بقوة السيف والسلطان والسوط، بينما تُصلب من تخفي عن الناس سوأتها.

عندما يُطمس الأذان، بينما تُسمع همسات الشياطين، في البر والسماء والبحر.

وعندما يصبح الزنا في بلاد إسلامية مهنة من أجل الخبز.

عندها يجب أن يغضب كل شيء فينا.. وعندها يجب أن يتغير كل شيء فينا.. وعندها سيكون.. إن لم نفعل.. قد انتهى ومات كل شيء فينا.

عندما نستنبط للوالي والأمير، والصاحب والوزير، ألف فتوى وألف عذر وألف رخصة، أدناها أن الأعمال بالنيات، وأن الأصل فى الأشياء الإباحة، وأن الله غفور رحيم، حتى لو مارسوا ما لم يمارسه فرعون وهامان والشيطان وقارون، بينما إذا مارس أحد من الرعية شيئا من اللمم، أقمنا عليه وعلى آله وجذوره وجذور جذوره الحد تلو الحد تلو الحد.

عندما يفسر علماء البلاط، الولاء بألف ولاء وولاء، والبراء بألف براء وبراء، والكفر بألف كفر وكفر، فولاء دون ولاء، وبراء دون براء، وكفر دون كفر، بينما يفسرون الطاعة بطاعة واحدة ثابتة ميتة جامدة.

عندما يتلاحى علماؤنا حول دماء الحيض، ولا يعيرون لدماء المغتصبات بالاً، وعندما يصدع علماؤنا بكل شيء إلا بما يجب أن يصدعوا به.

عندها يجب أن يغضب كل شيء فينا.. وعندها يجب أن يتغير كل شيء فينا.. وعندها سيكون.. إن لم نفعل.. قد انتهى ومات كل شيء فينا.

عندما نتسول بصور مقدساتنا المستباحة، وعندما نتسول بصور الثكالي والأرامل واليتامى، وصور العجزة والمشوهين والضعفاء، من أجل أن ننتزع لأرملة درهماً، أو من أجل أن ننتزع لقيمات، نسد بها رمق يتيم، في يوم ذي مسغبة، بينما يتنعم كل غير مؤمن بما في ظهر أرضنا وباطنها.

وعندما ندفن فى التراب رؤوسنا، أو نرفع بالتسبيح والتكبير والتهليل أصواتنا، كي لا نسمع أنين المعذبين وهم يستجدون الأمة بكلمة تُحيي الضمائر الميتة، أو صرخة توقظ النفوس الخاملة.

عندما نتجاهل آلام اليتامى . . وأحزان الثكالى . . ودموع الأرامل، كي لا نُحدث فتنة، أو نستبدع بدعة تزعج طبقة من السلف، تواضعت أمامها سلفية الصحابة والتابعين وتابعي التابعين.

عندما نتسول بالقرآن، فنختار آيات الله بحذر وحرص وعناية وخوف، كي لا نُنفر جموع المتصدقين والمتصدقات.

عندها يجب أن يغضب كل شيء فينا.. وعندها يجب أن يتغير كل شيء فينا.. وعندها سيكون.. إن لم نفعل.. قد انتهى ومات كل شيء فينا.

عندما يقودنا جبناء اغتالوا قضايا أمتنا، وانسلخوا عن آمالها وهويتها وآلامها، وأصروا، كي يخفوا جبنهم، أن يجروا الأمة إلى قاع الذل، تحت مذبحة المصلحة مرة، والبدعة مرة اخرى،

والفتنة مرة ثالثة، بل أصروا، كي لا يتعرى عجزهم وزيفهم وذلهم، أن يحطموا كل سهم من سهام ربعي، وأن يحاربوا (درءاً للفتنة!!!!)، كل كلمة حرة لا يخاف صاحبها في الله لومة لائم.

عندما يتنازع في قلب الواحد منا ألف انتماء وانتماء، بينما نُرتل، كي نخفي حمية الجاهلية فينا، وكي نخفي تعصبنا لجلودنا وألسنتنا واقوامنا، نرتل في كل صلاة، آيات الشعوب وآيات الاعتصام وآيات الأمة الواحدة.

وعندما نلعن الطغاة، بينما ينخر حب الزعامة والإمارة والقيادة في نفوسنا وأفئدتنا وقلوبنا، حتى سرى هذا الداء فينا مسرى الدم.

عندما نغضب ونرعد ونزبد من أجل توافه لا يغضب لها، حتى السفهاء، بينما تموت فينا دواعي الغضب لما تتمعر له وجوه الكلاب.

عندها يجب أن يغضب كل شيء فينا.. وعندها يجب أن يتغير كل شيء فينا.. وعندها سيكون.. إن لم نفعل.. قد انتهى ومات كل شيء فينا.

عندما نستنجد بأنصاف وأرباع وأشباه وفضلات الحلول.

عندما تُغتصب وتُغزى وتُستباح وتُحاصر وتُقصف بلداننا بمن شاء متى شاء.

عندما نستنجد بمن مات منا، فنهز لحد المعتصم دون كلل، ونهز قبر صلاح الدين دون ملل، ولكن دون أن ينهض المعتصم، ودون أن ينتفض صلاح الدين، ودون أن تسلم أعراضنا من استباحة وقدسنا من تدنيس.

عندها يجب أن يغضب كل شيء فينا.. وعندها يجب أن يتغير كل شيء فينا.. وعندها سيكون.. إن لم نفعل.. قد انتهى ومات كل شيء فينا.

عندما نصاب بالقابلية لأن نكون لبعضنا البعض إمعات..

والقابلية لأن نكون لبعضنا البعض عبيداً..

والقابلية لأن نصنع طغاتنا بأيدينا..

والقابلية لأن نُغلف الفشل والجبن والعجز بالحكمة والحنكة والمصلحة..

والقابلية لأن نُحيك لكل موقف ثوباً، ولكل مقال لساناً، ولكل حدث وجهة..

والقابلية لأن نرفض التبين، فنُحرم من سلق بعضنا البعض بألسنة حداد..

والقابلية لأن نُعطل عقولنا، فنغدو ببغاوات نردد دون بصيرة ما يردده المرددون..

والقابلية لأن نصنع من داخلنا طبقية زائفة، نتمايز ونتعالى ونترفع بها على بعضنا البعض، كي نعوض نقصاً في نفوسنا، أو نبني مجداً زائفاً على أنقاض من كان يجب أن نخفض لهم جناح الذل.

عندها يجب أن يغضب كل شيء فينا.. وعندها يجب أن يتغير كل شيء فينا.. وعندها سيكون.. إن لم نفعل.. قد انتهى ومات كل شيء فينا.

فتحي الفاضلي – طرابلس – 24-03-2024م

نشرت أول مرة في سبتمبر 2000م.

مشاركة