يقال إنّ فقيرا خرج له مارد المصباح فقال له: لا أريد شيئاً سوى تقبيل يد الوالي!!

بكل تبجح يقسم أحدهم بالطلاق ثلاثاً في باحة البرلمان أنه لن يتم إقرار الميزانية حتي تمنح الحكومة منصباً لابن عمه، أو صهره، أو جاره، ويبرر ذلك بالوطنية والفطنة ومحاربة الإرهاب.

وهذا ليس مستغرباً في نظري من هؤلاء الطماعين الرخاص؛ فهم قد جبلوا وتربوا على ذلك كابرا عن كابر.

ولكن ما يحيرني فعلا، ذلك المواطن المسحوق الذي تتم المتاجرة برزقه أمام عينيه وعلى حسابه وحساب عياله ومستقبلهم.

ولا أقول لا يغضب أو يثور احتجاجاً وتغيظاً وكفراً؛ بل يؤيد ذلك ويدعمه ويدافع عنه في سبيل الجغرافيا، وحمية الجاهلية، ونكاية في طواحين الهواء.
ليكن دبيبة سارقا، وكذابا، ووصوليا، أو قل ما شئت من شيء بعد، فإنّ مبررات عدم تمرير الميزانية لم تأتِ على ذلك لا من قريب ولا من بعيد.

إنّهم يريدون لأنفسهم وزارة الدفاع، والسفارات، والملحقيات، والمناصب السيادية، وشركات الخطوط الجوية، هكذا بلا لف ولا دوران، وعلى عينك يا تاجر، وإذا منحت لهم تلك المناصب حسب عناوين السكن فلا بأس من صرف الميزانية؛ بل ولابأس من سرقتها وتقسيمها!!

والعجيب والغريب جدا أنّ ذلك الأنكد الأشأم المغلوب على أمره، يخرج على رتل الرئيس لا طمعا في علاج الجرحى، ولا لزيادة المرتبات، ولا لفرط انقطاع الكهرباء، ولا لتوسل السيولة، ولا لغلاء المعيشة، ولا للقمامة التي اعتادتها الأنوف، ولا للذباب الذي يزاحم الأكسجين، ولا للبنية التحتية المهترئة؛ وإنّما يخرج فقط ليرغم دبيبة على أن يلقي تحية عسكرية لحفتر، ويقول صراحة: ليست لدينا أية مشاكل سوى تلك التحية؛ فليعطي التحية وليغادر بسلام!!
يا لشماتة مارد المصباح وكفى!!

أمّا هذه فحالة نفسية تحتاج إلى تأمل ودراسة وتحقيق.

بالله عليكم من ذا يلوم السراق، والشبعانين، والمستفيدين، وتجار الاعتمادات، والعملة، والبرلمانيين، والسفراء، ومديري المحافظ الاستثمارية، والمقاولين ورجال الأعمال، إذا كان مثلك لا يقتحم ولا يغضب ولا ينفجر؟ إلا حمية لبطين عتل زنيم معتد أثيم

{إنه فكر وقدر، فقتل كيف قدر، ثم قتل كيف قدر}

يقول الجواهري:

تَقَحَّمْ، لُعِنْتَ، أزيزَ الرَّصاص

وَجرِّبْ من الحظّ ما يُقسَم

تَقَحَّمْ، لُعِنْتَ، فما تَرتجي

مِن العيش عن وِرده تُحرَم

تقحَّمْ فمَنْ ذا يَخوضُ المَنون

إذا عافَها الأنكدُ الأشأم!

تقحَّمْ فمَنْ ذا يلومُ البطين

إذا كان مِثلُكَ لا يَقْحَم!!

فرج كريكش

مشاركة