التعليم الإسلامي في الغرب: إصلاح شامل. كتابنا الجديد. فتحي الفاضلي.

الحمد لله حمداً كثيراً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه فقد أكرمني الله سبحانه وتعالى بصدور كتابي باللغة الإنجليزية بعنوان” التعليم الإسلامي في الغرب: إصلاح شامل”، وهو ثمرة تجربة علمية رائدة حيث قمت بتدريس الطلاب الأمريكيين المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من 12 عاما وفي أكثر من مدرسة إسلامية في ولايتي ميزوري وولاية إلينوي.

تعود أصول الطلبة في تلك المدارس إلى جميع أنحاء العالم تقريباً، ولدوا وترعرعوا بالولايات المتحدة الأمريكية بعد أن هاجر أولياء أمورهم واستوطنوا بأمريكا، كما يشمل الطلاب أيضاً أبناء وبنات الأمريكيين (من غير المهاجرين) ممن اعتنق أولياء أمورهم الإسلام. كانت الدراسة باللغة الإنجليزية وهي لغة الدراسة أو التعامل الأساسية، وهي في الواقع اللغة الأولى لهذه الأجيال، ولكن دون أن يفقدوا لغاتهم الأصلية.

قمت بتدريس المراحل من رابعة ابتدائي إلى ثالثة ثانوي. وقمت بالتحديد بتدريس العلوم والتربية الإسلامية للمراحل الأساسية، والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء والتربية الإسلامية وعلوم الأرض (جيولوجيا) للمراحل الثانوية.

تجربة غنية رائعة مثمرة وضعت بصماتها على نظرتي وتعاملي ومفهومي للتربية والتعليم حتى يومنا هذا، وأفادتني فائدة عظيمة في تدريسي بكلية التربية – طرابلس، حيث أصبحت بفضل الله أتحدث لطلابنا الكرام بكلية التربية من واقع تجربة عملية واقعية ملموسة، من قلب الفصول الدراسية، فقد أدركت جيداً ما الذي ينتظرهم مستقبلاً كمعلمين داخل الفصول في المدارس الإعدادية والثانوية.

خريجو هذه المدارس وبفضل الله يتحصلون على القبول في أرقى الجامعات بالولايات المتحدة الأمريكية، فالمدارس الإسلامية معترف بها من قبل الولايات، طالما أنها تطبق مناهج الولاية الأساسية (الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء الأحياء… إلخ)، وتطبق أنظمة وقوانين الولاية الخاصة بالتعليم (المراحل، الدرجات، التقييم، عدد المواد… الخ). وللمدرسة بعد ذلك تدريس ما تراه (قرآن كريم، تفسير، لغة عربية، تربية إسلامية، دراسات إسلامية… إلخ).

وبيت القصيد هنا أنني آليت على نفسي أن لا تضيع هذه التجربة دون مشاركة المجتمع التعليمي بها. خاصة وأن جوانب عديدة (السلبيات والإيجابيات) تنطبق أيضاً على التعليم في ليبيا، ويمكن بالتالي إسقاط ما جاء فيه على واقع التعليم عندنا.

مشتركات إيجابية وسلبية مذهلة بين واقع التعليم في تلك المجتمعات وواقع التعليم في مجتمعنا. لذلك كان هذا الكتاب. مع بعض الاختلافات بالطبع فيما يخص المكان ويخص طبيعة المجتمع.

جاء الكتاب في 143 صفحة وفي تسعة فصول. تحدث الفصل الأول منها عن التحديات التي واجهت التعليم الإسلامي في الغرب. وتحدث الفصل الثاني عن تطوير المناهج، من مناهج تقليدية إلى مناهج معاصرة. بينما غطى الفصل الثالث الحاجة إلى تطوير المعلمين من محاضرين أو ملقين إلى محفزين.

وتناول الفصل الرابع البيئة التعليمية وتغييرها من بيئة خامدة سلبية إلى بيئة متحركة غنية، عبر إغراق المدارس بالأنشطة اللامنهجية في مختلف المجالات. بينما ركز الفصل الخامس على دور أولياء الأمور ونقلهم من جبهة ضد المدارس إلى داعمة للمدارس.

وبالمثل أكد الفصل السادس ضرورة أن يكون المجتمع المحلي مدعماً للمدارس وشريكاً بدلاً من أن يقف سلبيا مكتوف الأيدي متفرجاً.

أما الفصل السابع فقد قدمنا فيه نموذجاً مثالياً للبيئة التعليمية التي تنتج مخرجات قادرة على قيادة المجتمع. ولخص الفصل الثامن الصفات والمهارات والقيم التي يجب أن يكتسبها خريج المدارس الثانوية الإسلامية ليكون متكيفاً فعالاً متناغما مع مجتمعه ومع عصره.ثم قدمنا في الفصل التاسع والأخير ملخص ومحصلة ومقترحات.

وكما نوهنا، فقد وردت جوانب عديدة في الكتاب يحتاجها التعليم الأساسي والثانوي في ليبيا، منها على سبيل المثال: تطوير المناهج، وتطوير دور المعلم، ودور المجتمع وأولياء الأمور، وخلق بيئة نشطة متحركة غنية بالفعاليات، وغيرها من العوامل والجوانب التي قد نخصص لها تقريرا منفصل.

فبين يديك أخي القاريء، أختي القارئة، زملائي الكرام، المعلمين، والمعلمات، وأعضاء هيئة التدريس، تجربة أكثر من عقد من الزمان داخل قاعات التدريس مع مقترحات وتوصيات للتطوير والإصلاح والتغيير. ولم يفتني بفضل الله أن يكون طلبة كلية التربية- طرابلس من ضمن من ذكرتهم (وبفخر) في الإهداء، كما لم يفوتني ذكر كليتنا وجامعتنا على غلاف الكتاب. وفي النية بالطبع – بإذن الله – إصدار طبعة باللغة العربية والله ولي التوفق.

د. فتحي علي الفاضلي
قسم التربية وعلم النفس- كليىة التربية – طرابلس

جامعة طرابلس- ليبيا – 16-08-2022م
مشاركة