غباء منقطع النظير…

من الأخطاء الإستراتيجية التي وقعت فيها بعثة الأمم المتحدة.. ومجلس الأمن.. والمجتمع الدولي.. بصفة عامة.. والتي أدت إلى فشلهم في ليبيا.. أنهم أولوا اهتماماً عميقاً زائداً مكثفاً.. لقضايا تعتبر جانبية.. بالنسبة للقضية الأم في ليبيا.

البعثة، ومن معها، ومن وراءها، ركزت على وجود جماعات ليبية مسلحة، وعلى الإرهاب، والمرتزقة، والهجرة غير القانونية. هذه القضايا الأربع استنزفت ليبيا والليبيين، وأخرت استقرارها، ما أدى إلى فشل الأمم المتحدة في تحقيق الاستقرار في ليبيا.

ولو تم تحقيق الاستقرار، وتأسيس الدولة، وبناء دولة القانون والمؤسسات، لكان التعامل مع القضايا المذكورة، أسهل وأسرع وأجدى، وليس العكس، أي ليس الاهتمام المكثف بهذه القضايا ومعالجتها ومحاربتها هو ما سيؤدي إلى استقرار الدولة، فهذه النظرة، تُعتبر غباء منقطع النظير، وغباء من الطراز الأول، سواء كان هذا الأمر مقصوداً، أو غير مقصود، في الحالتين هو غباء سياسي يضيف إلى فشل البعثة، فشلاً آخر.

لقد مرت ليبيا بفترات وفرص كان من السهل تحقيق الاستقرار وتأسيس الدولة الجديدة، ضاعت تلك الفرص بسبب تخبط بعثة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن والمجتمع الدولي. لقد خلطت قضية ليبيا بقضايا أخرى، وما فعلته البعثة يشبه إخضاع مريض إلى خمس عمليات جراحية مختلفة في نفس الوقت، على يد نفس الطبيب، دون القضاء على المرض الأساسي الأكثر عمقاً وإيلاماً وتأثيرا.

نعم توجد جماعات مسلحة، نعم يوجد خارجون عن القانون، نعم يوجد قضايا الهجرة غير الشرعية، ونعاني من تأثيرها السلبي، على ليبيا أولاً، ثم على دول المقصد ثانياً، وعلى المهاجرين ثالثاً. ولكن الذي يستطيع التعامل مع هذه القضايا هو دولة مستقرة.

فتحي الفاضلي
طرابلس – 11-04-2023م

مشاركة