عُدوان حفتر على العاصمة هذه الأزمة مع ظهورها كالشمس في رابعة النهار إلاَّ أننا نرى ونسمع كثيرا من الناس يُنكرُ ما تراه عينُه وتسمعه أذنه، لأن الهوى والضلال قد أُشربه هواه!!
وساووا بين الجلاد والضحية، وبين الظالم والمظلوم، وبين المعتدي والمُعتَدَى عليه!! ولا ندري أَطُمسَتْ بصيرتهم أم صُمَّتْ أذانهم، أم خُتِمَ على قلوبهم!! إن لأهل الحق صفات يُعرفون بها، وكذلك أهل الباطل، فلكل منهما أهل كما جاء به الشرع الحنيف:
“ألا وإن الخطايا خيلُ شُمُس حُمِل عليها أهلُها وخُلعت لُجُمُها فتَقحَّمت بهم في النار، ألا وإن التقوى مطايا ذُلُل حُمل عليها أهلها وأُعطوا أزِمَّتها فأوردتهم الجنة، حقٌّ وباطل ولكل أهل.
في هذا الكلام قسَّم الشرع الحكيمُ الناس إلى قسمين لا ثالث لهما: أهل الحق وأهل الباطل.
وذكر مميزات لكل منهما، فأهل الباطل يتميزون بأنهم “ألا وإن الخطايا خيلُ شُمُس حُمل عليها أهلها وخُلعت لجمها ركبوا الخطايا، فلم يستطيعوا السيطرة عليها، لأن الشهوات هي التي تدفعهم إلى الخطايا، فإذا سَلَّمَ الإنسانُ نفسه لها سلبته عقله وتململت به وأفلتَ زمام نفسه وقيادها من يده، فكانت كالخيل الشُمُس الصعبة التي لا يستطيع صاحبها التحكم بها، ومن ترك العقل كان كمن أفلت الزمام من يده فقادته نفسُه إلى الهلكة، ورمته في نار شهواته.!
هؤلاء كان الحق تبعاً لأهوائهم، ولم تكن أهواؤهم تابعة للحق فيميلون إليه ويعملون له، وتكون أهواؤهم فيه، لذلك تركوا اتباع كتاب اللَّه كما تركوا العقل الموافق لشريعة الله وعملوا فيه بآرائهم فضلوا وقالوا: “ربي ينصر الحق” هروباً من مناصرة الحق الواضح الذي يراه من أنار الله بصيرته؟!
أما أهل التقوى فأعطوا قيادة أنفسهم ولجامها للحق ونصرة أهله، فأمسكوا بها، وذلّت لهم، فكانت كالخيل المدربة الذليلة والسهلة، فابتعدوا بها عن المهالك واتقوا بها الشهوات فنجوا من العذاب المُتَوَعَّد به من ناصر الباطل والظالم ضد أهل الحق، ونالوا السعادة في الدنيا والآخرة.
فكان أولياء اللَّه المناصرين للحق وأهله على يقين وطمأنينة لا تضلهم الشبهات، كالقنوات المضللة التي تتنفَّسُ كذباً ليلا ونهارا، ولا تغويهم الشهوات على عكس أعداء الدين والوطن ممن يسعون لتدمير عاصمتهم ويُدنِّسُوا ترابها ظلماً وعدواناً لتفيذ أجندة خارجية فرنسية وروسية وإماراتية ومصرية وسعودية. فهؤلاء الذين لا دليل لهم إلا العمى والهوى والشيطان، وسوف يلعنهم التاريخ، وتلعنهم الأجيال القادمة، فلا ينبغي لأي عاقل أن يرتمي في خندقهم المُوحِش، وعندما يُواجهونه بالحق والدلائل يتثاقل عن نصرة الحق ويردد: ” ربي ينصر الحق”. وهو في الحقيقة يتمنى نصرة الباطل والظالم والمعتدي. فما أحسن الرجوع إلى الحق قبل الممات!! وما أحسن التوبة قبل خروج الروح من الجسد، فلنسارع لنصرة الحق وأهله، والوقوف ضد الظالم والمعتدي والمستبد، فإن الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل. وبالله التوفيق.


العجيلي العجيلي