لقد خرج الليبيون ثائرين على نظام مستبدٍ طيلة أربعة عقود، مطلبهم الحرية، وإقامة العدل، ونصرة الحق الذي افتقدوه في أربعين عاماً مضت عليهم، ونجحوا في إسقاط رأس النظام وأسرته ومقربيه، وعاش الليبيون العام الأول والثاني بعد الثورة أجمل حياتهم التي لم يذوقوا مثلها في نظام القذافي، حتى صار الاحتفال بالثورة دليلاً ظاهراً على حُبِّ الناس للتغيير الذي حصل.

الثورة المضادة:

غير أن المتربصين بالثورة وأعداءها صاروا يكيدون لها المكائد، ويسعون بشتى الطرق لإفساد فرحة التغيير التي حصلت في البلاد، وذلك لأن الذين ثاروا على النظام وأسقطوه لم يحافظوا على إنجازاتهم بعزل المعادين لأهداف الثورة عن مناصبهم، فاستمر أعداء الثورة يتغلغلون في مفاصل الدولة ويشتغلون ليلا ونهارا على إفساد الثورة وذلك التغيير الذي حصل، وتدخلت دول خارجية عربية وأجنبية وحرشت بين الليبيين، ودعمت أعداء الثورة بالمال والإعلام بشتى أنواعه، لتشويه الثورة، وانبرى لتلك المؤامرات الخسيسة خليفة حفتر، فخرج مراراً وأعلن انقلاباته المتكررة عبر الإعلام، وأنه لا يريد النظام القائم بعد الثورة، ودعمته دول الشر (الإمارات والسعودية ومصر وفرنسا وروسيا) فسفك الدماء وأزهق الأرواح باسم محاربة الإرهاب، وهو في الحقيقة يريد الاستيلاء على الحكم لوحده.

براءة الثورة:

وإلى هذا اليوم وبعد هجومه على العاصمة بعد أن قتل وشرّد الآلاف ودمّر البلاد، صار كثير من الناس اليوم يلومون الثورة ويُحمّلونها تبعات ما حصل بعد الثورة ونسوا وتناسوا أن المتسبب الحقيقي لهذه النكبات والنكسات والمصائب هو حفتر وداعموه وأتباع النظام السابق الذي يُذكّون الصراع بالأموال التي نهبوها إبّان النظام السابق، فضعْف الناس اليوم عن الاحتفال بالثورة هو من هذا الباب، غير أن الثورة تمرضُ ولا تموت، وتقاومُ ولا تستسلم، ومَن تأمل الوضع جيداً علِمَ أن أعداء الثورة دول كبرى لها أطماع في بلادنا ووجدوا من يعطيهم إياها بلا ثمن فناصروه وأيدوه ودعموه وشرعنوا له اعتداءه وإجرامه، غير أن الثوار الباقين على العهد والوعد يتصدون لكل تلك المؤامرات بكل ما يملكون، سلاحهم إيمانهم بربهم، ورغم كل تلك الجراح فإنهم يحتفلون بذكرى الثورة التي لم ولن يتخلوا عنها لأنها كانت ضد الظلم والطغيان.

العجيلي العجيلي

01-02-2020