فبراير الحلم الذي تحقق:

نعيش هذه الأيام ذكرى ثورة فبراير العظيمة، فبراير التي جاءت بعد أن كاد القنوط أن يسيطر على قلوب الليبيين وأصبح الخلاص من القذافي أمرا شبه مستحيل فكانت فبراير التي سُطر تاريخها ونسجت أحداثها بدماء أبناءها، فبراير الحلم الذي عمل القذافي على وأده  في بداياته، فاستخدم لقمعه كل ما يملك من قوة، ليتحول هذا الحلم إلى ثورة مسلحة، ولكن رصاصه الحي لم يثنِ أبناء
الثورة وصناعها على المضي قدما نحو أهدافهم التي خرجوا من أجلها ولأجلها، نعيش اليوم الذكرى الثامنة للثورة وقد تغيرت الكثير من المواقف والحسابات تجاهها سواء الداخلية أو الإقليمية أو الدولية، وفي المقابل لازال الأحرار يناضلون من أجل بناء دولتهم ولا زالت الثورة حتى هذه اللحظة تصارع قوى الشر التي تعمل على إعادة عقود الرعب والظلم بوجه آخر ودكتاتور آخر .

يريدون وأد فبراير:

نُحيي اليوم الذكرى الثامنة وقد حققت الثورة أعظم إنجازاتها بإسقاط نظام الإستبداد وبدأت تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها في عامي 2011 و2012 و 2013 حيث شهدت البلاد استقرارا ورخاءً – وإن كان نسبيا – إلا أن المتربصين بها والمرتعشين من انتصاراتها والمتشبثين بكراسي حكمهم خوفا من أن يطالهم التغيير والحالمون بعودة جماهيريتهم، عملوا بكل ما أوتوا من قوة على وأدها والنيل منها فكادوا لها ولا زالوا.

الثورة منتصرة حتما:

  إلا التجارب الإنسانية تؤكد أن الثورات لا تتراجع حتى وإن مرت بانتكاسات واخفاقات .

ولكن كيف يحدث هذا؟ نعم كيف يحدث في ظل هذا الصراع المحتدم بين الثورة والثورة المضادة هل نستسلم؟ طبعاً لا فالثورة لأصحاب النفس الطويل ولكل من يؤمن بأن التغيير المنشود سيحصل لا محالة فثمان سنوات في عمر الثورات الحقيقية ليست بالرقم الكبير فالأمر يحتاج وقتا وجهداً وعزيمة فتركة النظام السابق ثقيلة فقد ترك البلاد لعقود أربع بلا مؤسسات حقيقية ولا أجهزة ولا مجتمع مدني، والدولة العميقة تمتد جذورها في إدارات الدولة التي ينخرها الفساد أصلاً .

حقّ لنا الاحتفال:

إذاً فحق لنا أن نحتفل اليوم بثورة السابع عشر من فبراير التي تعد تحولاً تاريخياً مفصلياً في حياة الشعب الليبي الذي عانى ولازال من تبعات النظام السابق . 

فالنحتفل ولنستذكر حرمة دماء الشهداء الذين ندين لهم باستعادة ليبيا التي كانت مخطوفة من جماهيرية الظلم والظلام، نعم لنحتفل لأن التشبث بالحلم والأمل أجدى من الاستسلام للكوابيس الخانقة والاستبداد .

إن التضحيات التي تبذل في سبيل الحرية لاتضيع سدىً إلا إذا ارتضينا أن نعود إلى حظيرة العبيد .

مشاركة