أكد “المجلس الأطلسي في تحليل معمق أن معالجة الانهيار الاقتصادي المتسارع في ليبيا تتطلب ما هو أعمق من مجرد “الحكمة المالية”، مشددا على الحاجة الماسة إلى إعادة تنظيم سياسي وإصلاح مؤسسي جذري لوقف الانزلاق نحو الفوضى.

وحذر المجلس من أن الفشل في مواجهة جذور الأزمة، المتمثلة في خدمة المؤسسات للمصالح الفئوية بدلا من الصالح العام، قد لا يؤدي فقط إلى انهيار شامل، بل إلى “ثورة شعبية”.

وشدد التحليل على ضرورة حماية وإصلاح وإعادة بناء المؤسسات الاقتصادية الرئيسية ليس فقط بقوانين جديدة، بل بـ”حوافز وحماية جديدة وتعزيز حضورها العام” لتصبح مراكز حوكمة وطنية حقيقية.

واعتبر المجلس أن أي استراتيجية إصلاحية موثوقة يجب أن تبدأ بالإفصاح العام الإلزامي عن جميع عقود النفط والإنفاق الحكومي، وحظر الترتيبات خارج الميزانية، وتنظيم المشتريات عبر أنظمة شفافة وتنافسية، مع التأكيد على أن الشفافية والرقابة العامة في توزيع الإيرادات هي “شروط أساسية للشرعية والتعافي”.

ووجه “الأطلسي” نقدا للنهج الدولي، داعيا الجهات الفاعلة – المانحين والمؤسسات متعددة الأطراف والمبعوثين الدبلوماسيين – إلى التوقف عن التعامل مع الأزمة الاقتصادية كـ “مجرد نتيجة ثانوية” للانقسام السياسي.

وحذر من أن السعي لتوحيد الحكومة دون إصلاح بنيتها المالية لن يؤدي إلا إلى “مركزية الفساد”، مؤكدا أن دعم ليبيا يتطلب الإصرار على توحيد السلطة التنفيذية والميزانية بشرط خضوعها لضوابط صارمة وقابلة للتنفيذ حول كيفية إنفاق الأموال العامة والإفصاح عنها ومراجعتها، مشددا على أن “أي شيء أقل من ذلك يدعم فقط استمرار الاستيلاء على الدولة”.

ويأتي هذا التحليل في ظل تحذيرات “صريحة وغير مسبوقة” من مصرف ليبيا المركزي بشأن الانفلات الحاد في الإنفاق العام والانقسام المالي بين الحكومتين المتنافستين، لافتا إلى أن المؤسسات الرقابية تم “تفريغها من أدوارها أو تعطيلها”، ليتبقى اقتصاد تحكمه الارتجالية وصفقات الغرف المغلقة.

وخلص المجلس إلى أن ليبيا ليست محكومة بالفشل، لكن مسارها الحالي غير قابل للاستدامة بسبب “تبخر الإرادة السياسية للحكم بنزاهة”. مؤكدا أن التعافي يتطلب “مواجهة لا توافقا”، وأن استخدام أدوات تقنية كـ “تعديل سعر الصرف” لإدامة الفساد بدلا من تصحيح الاختلالات الهيكلية هو “استفزاز” قد يدفع نحو اضطرابات أوسع نطاقا.

مشاركة