لو سئل أي عاقل في الدنيا هل أنت من دعاة الحرب أو السلم لأجاب على الفور أنا مع السلم وإلا لكان متوحشا أو دمويا.

و في المقابل لو سئل نفس العاقل هل أنت مع مقاومة الظلم أم أنك مع الاستسلام للظالمين لأجاب من فوره أيضا أنه مع مقاومة الظالمين بل وتأديبهم وإلا لكان ذليلا خانعا.

وذلك أنه لا يصح أن يكون الانسان مع السلام على طول الخط حتى وإن انتهك عرضه أو سُرق ماله أو استهين بكرامته.

وكذلك لا يصح أن يكون مسعر حرب على طول الخط فيستعمل الرصاص حتى في وجه من يجتازه في الطريق السريع أو مع من يختلف معه في سعر قميص !!

ولكن شيئا واحدا وجب التحلي به على طول الخط وهو الأخلاق.

نعم الأخلاق يجب ألا تتغير لا بتغير الزمان ولا المكان ولا الأشخاص ولا المواقف

ولذلك فإنك ستجد في القرءان أن سورة محمد سُميت سورة القتال

ثم تبعتها سورة الفتح والتي اعتبرت الاتفاق والمصالحة فتحا

ثم توجت ثنائية السلم والحرب هذه بسورة الحجرات التي تُدعى سورة الأخلاق

تلك السورة التي علمت المسلمين أن الأخلاق لا علاقة لها بالمصلحة أو النفعية أو المناكفة السياسية

فعاتبت الذين استغلوا فرط سماحة النبي صلى الله عليه وسلم فنادوه من وراء الحجرات وربما خفضوا أصواتهم خوفا ورهبة في حضرة من هو أقل منه شأنا

وجعلت التبين وعدم قبول الدعاوى دينا حتى مع ألد الخصام.

وحرمت في معرض الحديث عن قواعد الاشتباك في القتال مع البغاة السخرية والتجسس والغيبة والهمز واللمز والتنابز بالألقاب.

وقالت للأعراب الذين لم يرتقوا الى ذوق الاسلام بعد

(لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)

نحن جئنا برسالة تتمم مكارم الأخلاق فلا تضيعن منكم البوصلة لا في غبار المعركة ولا في دهاليز السياسة.

فرج كريكش