الفيس بوك هو من قال:

إنها مجرد حسابات فيس بوك وهمية، تدار من دول الإمارات ومصر والسعودية، وتمول بآلاف الدولارات لإذكاء الصراعات في دول شرق أوسطية جاء ذكر ليبيا في صدارتها.

هذا الكلام لم يصدر عن أحد أطراف الصراع في ليبيا، ولا عن قنوات ممولة من دول متهمة أو غارقة في دعم هذا الطرف أو ذاك، بل صدر عن مؤسسة الفيس بوك نفسها، والتي أعلنت عن إغلاق أكثر من 380 حسابا موزعا على منصات فيس بوك وانستغرام.

الحديث عن حسابات فيس بوك مدفوعة الثمن داعمة لحفتر ربما ليس خبرا مفاجئا لأحد، ولكنه أحدث ربطا ذهنيا بمواقف أخرى صنعت “وهم الشعبية المفترضة لحفتر” في المناطق التي يسيطر عليها

أليس لحاضنته الشعبية حسابات فيس بوكية؟

ولكن مهلا شعبية الرجل لا تقتصر على صفحات الفيس، سواء كانت تلك التي تدار من الخارج، أو من ذاك الهنقر الذي ذاع صيته شرق البلاد.

هناك صور تملأ الزوايا والساحات والمفترقات في كل مدينة تصل إليها أذرعه الأمنية، أوالمدخلية، وهناك قبائل تبايع، وأشعار تتلى وقنوات تتغنى، ونشطاء يدافعون ونخب يحللون، ومظاهرات تلبي النداءات، فلماذا يحتاج حفتر مع كل هؤلاء لدعم فيس بوكي مدفوع الثمن من الداخل والخارج؟ أليس لحاضنته الشعبية حسابات فيس بوكية؟ في شعب أصبح الفيس بوك متنفسا لحبه وكرهه وهمه وغضبه ودعمه وسخريته.

وهل امتلأت مكبات بنغازي، وضاق شارع الزيت ليلجأ أخيرا لكب جثث ضحايا حكمه في البحر المتوسط؟ ولماذا يلجأ للقتل أصلا وهو يتحصن في رجمته قرب مدينته التي حررها من “الإرهاب”؟ وفي عمق برقته التي دفعت أبناءها “طواعية” كتعبير مختوم بالدم على صدق احتضانها له؟

شـعـبية زائـفـة:

ولماذا أيضا خوت تلك الخيام التي نصبت لتفويضه؟ ولماذا لا يمكن سماع همس تدوينة تعبر عن رأي آخر غير رأي المشير في أرضه الحاضنة؟ ولماذا كانت الكراسي أكثر من البشر حينما دعا لمظاهرات داعمة له أمام فندق تيبستي؟

تناقض الحاضنة النخبوية والحدثية (نسبة لقناة الحدث) التي يتمتع بها حفتر، مع لجوئه لشراء الحسابات وتقييد الحريات وملء المكبات، ربما لا يفسرها إلا تلك الوثيقة التي كان يقرأها عقيلة صالح مبايعا بها صقره الوحيد وزعيمه التليد في ليلة كان صباحها 17 فبراير.