المثقف الانتهازي المصلحي الوصولي الطبال اللقاق النذل اللئيم، هو مخلوق بلا احساس وبلا ضمير، لا اعتبار عنده لألآم ومعاناة ومآسي الناس، يصطف مع كائن من كان، يتقلب كحرباء مجنونة،  يقفز – بأسرع من البرق – من احضان ظالم أو جلاد إلى أحضان ظالم أو جلاد آخر، يصطف مع قتلة وقادة دمويون وطغاة، يصطف مع كل صاحب مال ونفوذ وجاه،

يميل أينما يميل الدرهم والدينار والدولار.

هذا النوع ممن يوصفون بالمثقفين، هم من اهلك المجتمعات العربية، وساهم في اغتيال عقول البشر فيها، وللأسف يعج عالمنا بهم، ولم تنج ليبيا من وباء هذه الطفيليات.

يظهر هذا النوع من المخلوقات في ليبيا على الفضائيات، يكتبون في الصحف، يشاركون في المحافل الثقافية والندوات، يحاضرون ويحللون ويتحدثون ويتشدقون ويتفيقهون ويبررون لأسيادهم ما لا يُبرر. 

في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها ليبيا، في هذه المحنة التي تمر بها ليبيا، في أجواء التوتر والاحتقان التي يمر بها الوطن، تراه يصول ويجول بقلمه وكلماته، ينافح ويدافع بقلة أدب وحقارة وببرود الموتى وحماس الطبالين والوشاة والزمارين، ينافح ويدافع عن الظالمين، يتودد للقتلة، لا شرف له ولا كرامة ولانخوة ولا رجولة، سقوط في أعمق أعماق قاع السقوط، دناءة ما بعدها دناءة.

علمته ليبيا، علمه شعبه ومجتمعه ووطنه، كيف يقراء، كيف يتكلم، كيف يكتب، علمه وطنه الذي ولد فيه، وتربى فيه، وترعرع فيه، وعمل فيه، وامتص من خيراته ما امتص.

وعندما فقد ضميره، واشتد عوده وقلمه ولسانه، كان الوطن أول ضحاياه، كانت ليبيا أول ضحاياه، كان مجتمعه أول ضحاياه، كذب وتدليس وتبرير وتسطيح وتضليل، ما أن اشتد لسانه واشتد قلمه حتى باشر ببث سمومه في عقول ونفوس وقلوب أبنا وطنه وبلده ومجتمعه.

هو بوق رخيص قذر، بوق لكل صاحب مال ومنصب وقوة ونفوذ وجاه، لا يهمه إنسان مُعتقل، ولا يهمه ضحية، ولا يهمه مظلوم، لا يُلقي بالا لانتهاك الأعراض، واقتحام بيوت الناس، وترويع عباد الله، واعتقال وقتل النساء والشباب والفتيات والاستيلاء على ارزاق وممتلكات وحقوق الناس، لا يلقي بالا ولا يهتم لإذلال البشر.

لا تهمه إلا راحة ورضى ونشوة الظلمة والقتلة والجلادين، يمطرهم بمناسبة وبدون مناسبة بوابل من شكر وحمد وتأليه، وابل من مدح وأهازيج وقصائد شعر وإطراء وتطبيل وتزمير وتعظيم.

لا يهتم للاعتقالات والاقتحامات والدفن بالحياة والمعتقلات والمذابح والاغتيالات والجلد بالسياط والتعذيب وقيد البشر بالسلاسل والأقفال والحديد، لكنه يهتم بأغبى تصريح يتقيأ به معبوده، يحوله المثقف المنافق الدنيء القذر إلى حكمة وذكاء وعبقرية وإلهام.

بدلا من أن يتحدث عن الضحايا وألآم الضحايا، وبدلا من أن يدافع عن المظلومين، وبدلا من أن يعبر عن آلام شعبه، تراه – بدلا من كل ذلك – يدافع باستماتة وجدية وحماس عن الجلاد، عن القاتل، عن الظالم، تراه يهتم – بدلا من كل ما سبق – بحذاء الجلاد وحيوانات الجلاد وفضلات الجلاد وقمامة الجلاد أكثر من اهتمامه بمعاناة البشر.

المثقف الانتهازي المصلحي المنافق الوصولي اللقاق القذر ينتفض كمن يتخبطه الشيطان من المس، إذا ما ذكرت صنمه بسؤ، هذه الشريحة القذرة لا تعلم أنه لا يمكن أن تُسمى نفسك مثقفا إلا إذا تفاعلت مع آلام شعبك، لا مع رغبات ونزوات وأهواء من يضطهد شعبك.

هل رأيت أحدا منهم على الهواء؟ هل استمعت لترهاته وحججه الواهية وتبريراته المملة المستفزة المقززة المكررة السمجة؟ هل تعرف أحدا منهم؟ شاركه هذا المقال. دعه يعرف كيف ننظر إليه. دعه يعرف جحوده لوطنه وأهله وشعبه. دعه يطلع على شيء من قذارته، فلعل ضميره يستيقظ يوما، هذا إن كان له بقايا من ضمير أصلاً.  

اللهم طهر بلادنا وفضائنا وأرضنا وكتبنا واشعارنا ومحاضراتنا وتراثنا ودنيانا وترابنا منهم، واحفظ يا ربي البلاد والعباد منهم ومن شرهم ومكرهم وأمراضهم. والله من وراء القصد.

فتحي الفاضلي –  12-07-2025

مشاركة