كلمة صار يرددها الكثيرون مَمَن لا يُدركون حقيقة ما يقولون!!!
أليس في السياسة من اتخاذ القرارات والمواقف والإجراءات بشتى أنواعها فيها الحلال وفيها الحرام؟!!
إذا كان الجواب: بلى ! فإن من واجب الفقهاء أن يُبينوا للمسؤولين خصوصاً وللناس عموماً الحلال والحرام في الأمور السياسية والمواقف الدولية، كما يجب على المسؤولين والناس الاستجابة لحكم الله في ما يرضي الله في الأمور السياسية إذ أنها جزءٌ من الدِّين لأنَّ فيها الحلالَ وفيها الحرام!! ولأنَّ الله ـ تبارك وتعالى ـ بيَّنَ لنا في شرعة الإسلام كل شؤون حياتنا سواء كان في الأمور الاجتماعية أو السياسية أو غير ذلك من شؤون حياتنا قال تعالى: “ما فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ” {الأنعام: 38}

السياسة في السيرة النبوية:

وإذا تأملنا السيرة النبوية الشريفة فإننا نرى أنَّ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه من بعده والأئمة من بعدهم ـ رضوان الله عليهم ـ يقودون الأمة من منطلق ديني في السياسة مع الأمم الأخرى، فنراهم يُقررون الحرب، والسلم، والمعاهدات، والهدن، والاتفاقيات، والتعاملات مع اليهود، والنصارى، وغيرهم، وكيفية التعايش معهم، وكل ذلك من السياسة الشرعية!! فإذا كان كذلك؛ فقد تبيِّن لكل ذي لُبٍ أنَّ السياسةَ جزءٌ لا يتجزأُ من ديننا الحنيف، ويجب على الحاكم أن يسأل الفقهاء عن حكم الشرع في تعاملاته مع الدول الأخرى، وكل القرارات التي تتخذها الدولة مع شعبها، أو مع الدول الأخرى؛ لأنَّ القرارات والمواقف -كما أسلفنا- فيها الحلال وفيها الحرام! فوجب على الفقهاء أن يتدخَّلوا ويقولوا هذا حلال وهذا حرامٌ إبراءً للذمَّة وطاعة لله تعالى 

هي جزء من الدين بلا ريب:

فالمراد بالسياسة ما يتعلق بنظام الحكم، وتدبير شؤون الدولة، والتعامل مع الدول الأخرى، والضوابط الشرعية لهذا الباب، وهي بهذا الاعتبار جزء من الدين بلا ريب، فإن حق التشريع والحكم في الإسلام لا يكون إلا لله تعالى، وهذا الأصل ـ وهو حق التشريع ـ ليس من مسائل الفروع، بل هو من مسائل التوحيد، والإيمان، وقواعد الإسلام، والأدلة على ذلك كثيرة في كتاب الله ـ تعالى ـ و مستفيضة ومشهورة، منها قوله تعالى: “إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ” {الأنعام: 57}، وقوله تعالى: “إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” {يوسف: 40}، وقوله تعالى: “وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ” {الشورى: 10}

فإذا كان كذلك: فإن من واجب دار الإفتاء وغيرها من المؤسسات الدينية ومن هو في منزلة العالم والمفتي أن يتدخَّل في السياسة ليقول كلمة الحق ويُبين الباطل . وبالله التوفيق


العجيلي العجيلي