شرع الله سبحانه وتعالى لأمّة الإسلام عيدين فقط في السنة، وهما الفطر والأضحى، ومع الأسف فقد ذهب العديد من المسلمين للاحتفال بعيد لم يأذن به الله عزّ وجلّ، وهو عيد رأس السنة، هذا العيد الذي لا يمتّ للإسلام بصلة،[١]
فلا يجوز لأي مسلم أن يحتفلَ بعيد رأس السنة، وقال الله عز وجل: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)،[٢] وفسّرها مجاهد وغيره أنّها الأعياد الخاصة بالمشركين، وورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ).[٣][٤]

حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم:

وقد حرّم الأئمة الأربعة بالإجماع احتفالَ المسلمين بهذا العيد، وقد شدد علماء المالكية على هذا، ويجب عدم تقديم التهاني لهم، فتهنئة الكفار بـ”الكريسمس” حرامٌ بالاتفاق كما نقل ذلك ابن القيم -رحمه الله- في كتاب “أحكام أهل الذمة” حيث قال: “وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثمًا عند الله، وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنّأ عبدًا بمعصية أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه” انتهى كلامه -رحمه الله-.
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حرامًا وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأنّ فيها إقرارًا لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنّئ بها غيره، لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) [ الزمر: 7 ].
وقال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [ المائدة: 3].
وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.
وإذا هنأونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى، لأنها إما مبتدعة فيدينهم وإما مشروعة لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا إلى جميع الخلق، وقال فيه: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [ آل عمران: 85 ] .
وإجابة المسلم لدعوتهم بهذه المناسبة حرام، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه “اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم” قال: “مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء” انتهي كلامه يرحمه الله.
ومن فعل شيئًا من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددًا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم.
والله المسؤول أن يعز المسلمين بدينهم، ويرزقهم الثبات عليه، وينصرهم على أعدائهم، إنه قوي عزيز.

كتبه: العجيلي العجيلي