من ضحايا الإرهاب: أبشع مذبحة جوية دموية في التاريخ الإنساني
إذا كنت داخل بيت شبت النيران فيه، فقد تكمن فرصتك في النجاة في القفز من النافذة أو الصعود إلى السطح بعيداً عن الركن الذي شبت فيه النيران، أو أن تغادر البيت، أو أن يتم إنقاذك من قبل رجال المطافيء… إلخ. ولكن ماذا لو كنت في طائرة في أعالي الأجواء، شبت النيران فيها، حيث لا باب للخروج، ولا نافذة للقفز، ولا سلالم مطافي تصل إليها؟
هل لك أن تتخيل حجم الهلع والرعب والجزع المصحوب بصراخ الأمهات والرجال والنساء والشباب والأطفال (من بينهم رُضع) وهم في طائرة مدنية على ارتفاع آلاف الأقدام تهوي بسرعة 2000 قدم في الدقيقة وقد اشتعلت النيران فيها بعد أن حاصرتها واطلقت عليها النار طائرات حربية إسرائيلية.
كيف اندلعت النيران داخل طائرة الخطوط الجوية الليبية – الرحلة 114، وهي ما زالت في الجو، فهوت وتحطمت وتحول البشر الأحياء فيها إلى جثث متفحمة.
تعرف في هذا العرض على ابنة الزاوية العنقاء، بل ابنة ليبيا: الشهيدة سعاد إبراهيم الهنقاري، الشابة المتميزة المتفوقة الطموحة.
ما قصة علماء الآثار الليبيين الثلاثة، ضحايا الكارثة، الشهداء: على سالم الأسود الشقروني، ومحمد فضيل الميار، ومصطفى عوض السعداوي.
تعرف في هذا العرض على الضحية الشهيد رجب سليمان إبراهيم عكاشة، قامة من قامات الوطن، وأحد أكبر رواد الحركة الكشفية في ليبيا.
من هو الشهيد إسماعيل محمد ضبوح المسماري، مهندس المساحة، وابن جدابيا.
من هو سيف الكلمة: الكاتب والصحفي الشهيد عبد القادر طه الطويل صاحب القلم واللسان الشجاع الصريح، والذي استشهد أيضا في هذه الكارثة؟
الشهيد صالح مسعود بويصير وزير الوحدة والخارجية، كان أيضاً أحد ضحايا الطائرة المنكوبة.
تعرف أيضا على الضحية الشهيدة سلوى حجازي، المذيعة المصرية المحبوبة وصاحبة البرنامج الناجح المشهور “جنة الاطفال”.
من هم الناجون الخمسة الذين أعلن اسماؤهم في هذه الكارثة؟ وهل كانوا حقاً خمسة فقط؟
من هم أعضاء جنة التحقيق الدولية الذين كلفتهم منظمة الطيران المدني الدولية بالتحقيق في الكارثة؟ وماذا جاء في تقريرها الذي ضمته عشرات الصفحات؟
كيف ضغطت سلطات الكيان الإسرائيلي على أحد الناجين من المضيفين الفرنسيين
(السيد جان بير بوردييه) أن يشهد زوراً (وقد رفض ذلك): بأن ستائر نوافذ الطائرة كانت مُسدلة، ولذلك لم يستطع الطيار الإسرائيلي (القاتل) أن يتأكد أو يتيقن من أن الطائرة تحمل ركابا مدنيين (أطفال ورجال ونساء).
كيف كانت مواقف كل من: صاحب الجريمة الكيان الغاصب، وهيئة الأمم المتحدة، ومنظمة الطيران المدني العالمية، والنظام الليبي، والنظام المصري؟
ماذا كانت تصريحات سلطات الكيان الإسرائيلي التي حاولوا أن يبرروا بها جريمتهم ضد الإنسانية؟
كما تجد في هذا العرض قائمة كاملة لضحايا الكارثة الـ 108 بمن فيهم بالطبع الـ 48 ليبي الذين قُضو في كارثة الرحلة المنكوبة.
ولنا في نهاية العرض بإذن الله ملاحظات وتعليقات حول ما جاء في تقرير منظمة الطيران المدني وحول جوانب عامة أخرى.
وأود قبل كل ذلك أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من: نجلي الشهيد على الأسود الشقروني (سالم و المبروك – أنظر الصورة المرفقة)، والسيدة الكريمة: آمال الهنقاري (شقيقة الضحية سعاد الهنقاري)، ولزميلتنا الكريمة بكلية التربية – طرابلس الدكتورة سميرة الهنقاري (ابة عم الشهيدة سعاد)، والسيدات الكريمات: كريمة الفريك وفاطمة بغني، من مكتبة مصلحة الآثار بالسرايا الحمراء – طرابلس، والسيد محمد صميدة باحث شرعي وإعلامي ومعد برامج سياسية، على ما قدموه من مصادر ووثائق وصور ومقالات ومراجع قيمة نادرة حول الكارثة. والله ولي التوفيق.
مدخل عام عن الكارثة:
في الساعة الثامنة وأربعين دقيقة صباحاً (العاشرة وأربعين دقيقة بالتوقيت العالمي (UT من يوم الإربعاء الموافق 21 فبراير 1973م، أقلعت طائرة البوينغ 727-24 التابعة للخطوط الجوية الليبية في رحلة من طرابلس إلى بنغازي إلى القاهرة، وعلى متنها مائة وثلاثة عشر إنسانا (113) من مختلف الجنسيات، أغلبهم من ليبيا. كان بينهم نساء وأطفال ورضع وشباب وكهول. حملت الرحلة: الرقم 114.
ضم طاقم الطائرة تسعة أفراد، أغلبهم فرنسيون يعملون مع الخطوط الجوية الليبية، هم: الطيار جاك بورجييه Jackques Bourges (فرنسي)، ومساعد الطيار: المهدي يونس عياد (ليبي)، ومهندس الطيران روبرت نادين R. Nadin (فرنسي) بالإضافة إلى المضيفين:
Stevan Daverio ستيفان ديفاريو ،Jean-Pierre Burdiat ، جان بير بورديي Jacqueline Ginoux جاكلين جينوكس
السيدة نيللي كرم (لبنانية)، والسيدة ماجدة حبيب (لبنانية)، والسيد خالد المصراتي (ليبي).
توقفت الرحلة في مطار بنينة بمدينة بنغازي عند الساعة 09:22 صباحا، قبل أن تواصل رحلتها عند الساعة 10:45 صباحاً، متجهة إلى مطار القاهرة، وبدلاً من الهبوط في مطار القاهرة، واصل الطيار الرحلة متجهاً إلى الشرق باتجاه صحراء سيناء، ولم ينتبه لذلك في لحظتها، حدث ذلك (بحسب أغلب المصادر) بسبب عاصفة رملية حجبت الرؤية، ما تسبب في انحراف الطائرة عن خط سيرها. كما ذكرت مصادر أخرى أن السبب يكمن في خلل أصاب البوصلة، وذكرت مصادر غيرها السببين معاً (العاصفة والبوصلة)، بل وتحدثوا عن عطل في بعض أجهزة الملاحة.
كانت صحراء سيناء المصرية ترزخ في ذلك الوقت تحت الاحتلال الإسرائيلي، وما أن دخلت الطائرة الليبية أجواء سيناء، حتى اعترضتها طائرتان حربيتان إسرائيليتان من نوع فانتوم 4، وبالتحديد من نوعMcDonnell F-4E Phantom II . لم يدرك الطيار حتى تلك اللحظة، أنه فوق صحراء سيناء، فظن أن الطائرات الحربية تتبع سلاح الجو المصري. كانت الطائرة الليبية على ارتفاع 28 الف قدم لحظة اعتراضها (ذكر سفير مصر في هيئة الأمم المتحدة في ذلك الوقت أن أربع طائرات حربية اعترضت الطائرة البوينغ وليس إثنان).
عندما أدرك الطيار أنه يحلق فوق صحراء سيناء المحتلة، بدأ في الدوران للعودة غرباً، باتجاه القاهرة، وما أن بدأ في الدوران حتى أطلقت إحدى الطائرات الإسرائلية النار على الطائرة، فشبت فيها النيران، ثم هوت وتحطمت بعد أن اصطدمت بالأرض وانتشرت النار في أنحاء الطائرة حتى ذاب أغلب جسم الطائرة وتفحمت جثث الضحايا.
انتهت الطائرة على أرض سيناء المصرية المحتلة، وبالتحديد على بعد 35 كم من مدينة الإسماعلية، وقُتل مائة وثمانية إنسان من مجموع الركاب الـ 113 من بينهم أطفال رضع ورجال ونساء وشباب، ونجى خمسة من الركاب. وبذلك عاصر العالم أبشع مجزرة جوية دموية في التاريخ، جريمة بشعة ضد الإنسانية، جريمة جمعت بين الدموية والعبث والسادية والعجرفة والإرهاب واللامبالاة، صدمت هذه الكارثة العالم.
نجى – كما سبق – خمسة من الركاب هم السيد المهدي يونس عياد (مساعد الطيار- ليبي)، وفتحي جاب الله الكوم (ليبي – أحد الركاب)، وأسد شاكر الترهوني (ليبي – أحد الركاب)، بالإضافة إلى عبد الله الخليلي (أردني – أحد الركاب)، وفيصل الشريعي (مصري – أحد الركاب).
نُقل الناجون – بحسب أحد المصادر – إلى مستشفى بئر السبع، وسلمهم الصليب الأحمر إلى السلطات المصرية، ثم أُرسل كل منهم إلى بلاده. كما ورد أيضاً أن السيد أبو بكر الحجاجي (أحد الركاب الليبيين) نجى من الموت إثر تحطم الطائرة واحتراقها، ولكنه توفي بعد خمسة عشر يوماً من الحادث. كما توفي السيد جان بير بورديي Burdiat أحد المضيفين الفرنسيين بعد اسابيع من الحادث.
موقف الكيان الصهيوني:
أنكر الكيان الصهيوني في البدء أنه وراء المذبحة، ورفض أن يتم تحقيق في الكارثة، ووجه لومه لقائد الطائرة المدنية والذي (يفترض) أنه لم يستجب لتعليمات الطيار الإسرائيلي (يفترض أن قائد الطائرة الحربية أشار لمساعد الطائرة المدنية بيديه للهبوط).
ولكن بعد العثور على الصندوق الأسود في 24 فبراير 1973م، بعد اربعة أيام من الجريمة، وفحصه وتحليل محتواه (من قبل شركة البوينغ)، تأكد أن أمر إسقاط طائرة الخطوط الجوية الليبية جاء من “ديفيد اليعازر” رئيس الأركان الإسرائيلي في ذلك الوقت، وأن إطلاق النار من الطائرات الحربية على الطائرة المدنية كان وراء الكارثة، ولم يكن سقوطها وتحطمها لأي سبب آخر.
عند ذلك، وعند ذلك فقط، قدمت جولدا مائير (رئيسة وزراء الاحتلال في ذلك الوقت)، وموشي ديان (وزير الدفاع)، وديفيد اليعازر (رئيس الأركان)، اعتذارا شفهيا عن الجريمة، كان إعتذارا استعراضيا فارغا من أية خطوات عملية قانونية ومادية. كما كان “إليي زيرا”رئيسا للإستخبارات العسكرية، ولم يرد أنه قدم اعتذاراً.
ليس ذلك فحسب، بل – كما ذكرنا – أعتذروا بعد العثور على الصندوق الأسود وتحليل مسار الطائرة والاستماع إلى ما جاء فيه من تسجيلات صوتية دقيقة بدقيقة وثانية بثانية. ولولا العثور على الصندوق الاسود وتحليل محتواه لواصلوا انكارهم.
لقد اعتذروا اعتذارا أقبح من ذنب، فقد بررو جريمتهم بالتوتر القائم في المنطقة، وأن الطائرة – حسب زعمهم – كانت تتجه ناحية قاعدة عسكرية في سيناء، بالإضافة إلى وجود مفاعل ديمونة. فربما كانت الطائرة الليبية – حسب تبريراتهم وادعائاتهم اللامنطقية – في مهمة تصوير تجسسي لمواقع عسكرية في سيناء. وأضافوا المزيد من التبريرات الغبية، من أن الطائرة المدنية، ربما جاءت لتنفذ عملية انتحارية !!!، وغير ذلك من أسباب واهية كاذبة لا تبرر قصف طائرات حربية لطائرة مدنية، ولا تبرر قتل مائة وثمانية من البشر.
موقف الأمم المتحدة:
طُرحت القضية في الأمم المتحدة، وللأسف تم التصويت “بحق إسرائيل وحق الدول ذات السيادة في حماية نفسها”، أي نفس الإسطوانة المشروخة التي يرددها الكيان حتى يومنا هذا كلما قامت إسرائيل بمجزرة، الاسطوانة التي تقول “إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”.
وبناء على ذلك لم تتخذ هيئة الأمم أي إجراء تجاه الكارثة، ولم تفرض عقوبات على الكيان الإسرائيلي، والغريب أن الدول أعضاء الأمم المتحدة يُدركون أن إسرائيل دولة احتلال أصلاً، فلا سيادة لها، كما أنه ليس من حق المحتل أن يدافع على أرض أغتصبها أو احتلها. سيناء كانت أرض مصرية محتلة. فأي سيادة لأسرائيل لتدافع عنها؟!!!
موقف منظمة الطيران المدني الدولي:
صوت ثلاثون عضواً في منظمة الطيران المدني الدولي بإدانة الكيان الصهيوني، كما كلفت منظمة الطيران المدني الدولي فريقاً لتقصي الحقائق وإجراء تحقيق دقيق وإعداد تقرير حول نتائج التحقيقات. تكون الفريق من السادة:
Watts, R. H., رئيس فريق التحقيق
Barbosa, O. M., خدمات الحركة الجوية – مكتب ليما
Copalakrishnan , K., اتصالات – مكتب المشاريع والدعم الفني الإقليمي
Churches, K., مكتب القاهرة الارصاد الجوية –
Menton, P., العمليات – رئيس بعثة الدعم الفني – لبنان
نُشرت نتائج التحقيق الذي قام به الفريق في مايو 1973م، في تقرير صدر في ورقة عمل من 27 صفحة (حملت الورقة الرقم C-WP/5764)، جاء فيها ما يلي:
اجتمع الفريق في بداية عمله في روما في 20 مارس 1973 (بعد 29 يوم من الكارثة)، ثم زار طرابلس في 21 مارس، ثم بنغازي في 24 مارس، ثم القاهرة في 26 مارس، ثم غادر القاهرة في 2 أبريل 1973، ووصل إلى فلسطين في 3 أبريل، وفي السادس من أبريل زار ثلاثة أعضاء من الفريق حطام الطائرة (بعد 45 يوم من الكارثة)، غادروا بعدها فلسطين في 10 أبريل، وفي 15 أبريل 1973م، أعد كل فرد تقريره على حدة، ثم قدم الفريق التقرير الجماعي، والذي جاء فيه:
نبذة مختصرة عن الطيار السيد بورجييه، ومساعد الطيار المهدي عياد يونس، ومهندس الطيران روبرت نادين. شملت هذه النبذة سنوات الخدمة والخبرة وتاريخ الميلاد وخلفية عامة عن مسيرتهم في مجال الطيران وساعات الطيران وتاريخ استلامهم الرخص وتاريخ التحاقهم بالعمل وحالتهم الصحية وتاريخ آخر كشف طبي.
كما جاء في التقرير أيضاً، التفصيلات التالية:
قائمة بأسماء المضيفين شملت كل من:
السيدة نيلي كرم (لبنانية)، ماجدة حبيب (لبنانية)، السيد خالد المصراتي (ليبي)، ومن الفرنسيين، كل من:
Mr. Stephan Daverio , Mr. Jean -Pierre Burdiat, and Mrs. Jaqueline Ginoux
وضم التقرير – بجانب ذلك – معلومات عامة عن الطائرة منها: تسجيل الرحلة: 5A-DAH، الرقم التسلسلي للشركة المصنعة للطائرة MSN: 20244/650، سنة الصنع: 1968، إجمالي ساعات الطيران: 4526 ساعة، طراز المحرك: Pratt & Whitney JT8D-9، مطار المغادرة: مطار بنغازي بنينا الدولي (BEN/HLLB)، مطار الوجهة: مطار القاهرة الدولي (CAI/HECA).
ثم وصف التقرير الرحلة وتتبع مسرتها دقيقة بدقيقة، فورد فيه التالي:
تحطمت طائرة الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 114، وهي من طراز بوينج 727-224، بعد أن أطلقت عليها طائرات مقاتلة إسرائيلية النار، وقد نجا خمسة من الركاب البالغ عددهم 113.
يُفترض أن الطائرة ستقلع عند الساعة الــ 10:30 صباحا من مدينة بنغازي وتصل إلى مطار القاهرة الساعة 12:05.
حطت الطائرة في مطار بنينا – بنغازي قادمة من طرابلس عند الساعة 9:22 .
عند هبوط الطائرة في مدينة بنغازي، تم التزود بالوقود، وتم أيضاً تغيير ثلاثة من طاقم الطائرة.
أقلعت الطائرة من مدينة بنغازي عند الساعة 10:40.
بين الساعة 11:35 و 11:38 تواصلت الطائرة مع برج مراقبة القاهرة.
في الساعة 11:46، لاحظ الطيار أن الاتجاه من القاهرة مختلف عما كان متوقعًا.
في الساعة 11:54 شعرت قوات الدفاع الإسرائيلية بالقلق!!! عندما رصدت بالرادار طائرة مجهولة الهوية تقترب من خليج السويس في مسار يؤدي إلى قاعدة دفاعية (قاعدة ريفيديم). تم تنبيه قوات الدفاع!!! البري والجوي وبدأت طائرتان فانتوم باعتراض الطائرة بهدف تحديد هويتها.
في الساعة 11:57، عبرت الطائرة الساحل الشمالي لخليج السويس ودخلت سيناء.
عند الساعة 12:01 رصد طيارو الفانتوم الطائرة واستمرو في الاقتراب منها من الخلف، للتعرف عليها بصريا (عن قرب).
عند الساعة 12:03 أبلغ مساعد الطيار قائد الطائرة أن هناك 4 طائرات حربية خلفنا.
قام الطيار بإبلاغ مركز مراقبة أو تحكم القاهرة بذلك.
عند الساعة 12:04 اقتربت إحدى الطائرات الحربية من البوينغ حتى أصبحت على بعد 12 متراً، وأشار قائدها بيديه إلى الأسفل. باتجاه قاعدة عسكرية. كدعوة للهبوط.
ثم تقدمت الفانتوم أمام البوينغ وخفضت جناحيها كأمر بالهبوط في القاعدة العسكرية.
عند ذلك دار الطيار متجهاً إلى القاهرة، بعد أن أدرك أنه خرج عن مساره.
عند الساعة 12:06:20، أطلق قائد الطائرة الفانتوم النار من مدفع رشاش أمام الطائرة.
عند الساعة 12: 12:08 اطلقت الطائرتان الحربيتان النار على طرف الجناح الأيمن للبوينغ.
عند الساعة 12.08.20 تم إطلاق 3 رشقات نارية أخرى (20 ملم) نحو منطقة جذر الجناح الأيمن للبوينغ.
عندها أبلغ الطيار القاهرة أنهم يواجهون مشاكل خطيرة، وأن النار قد أطلقت علينا من قبل طائرة حربية.
بعد ثواني من ذلك أدرك مساعد الطيار أن الطائرات إسرائيلية.
ثم بدأت الطائرة البوينغ بالهبوط بسرعة 1500-2000 قدم، في الدقيقة مع اندلاع حريق في الجناح الأيمن جراء اطلاق النار عليها، ووصلت النيران داخل صالة الركاب وهي في الجو.
وقع انفجار في منطقة العجلة اليمنى قبل أن تصل إلى الأرض.
وعندما وصلت إلى الأرض أنقلبت وانتشر جسم الطائرة في عدة مواقع بعد أن التهمت النيران معظمها.
وقتل بذلك 108 إنساناً، تفحمت جثث أغلبهم تحت مسمى “حق الدول في الدفاع عن سيادتها.”
جاء في التقرير أيضاً: أنه لم يجر أي فحص طبي للجثث، وبالتالي لم تكتب تقارير طبية.
كما طلبت لجنة تقصي الحقائق تقرير طبي من الكيان المحتل، بخصوص اصابات مساعد الطيار السيد المهدي يونس عياد، وبالذات حول درجة فقدان الذاكرة التي يبدو أنه أصيب به (يوجد هنا شبهة – ربما ادعاء من الجانب الإسرائيلي). كما لم يتحصل فريق التحقيق على أي تقرير طبي بخصوص السيد Burdiat والذي توفي بعد اسابيع من الحادث.
وبمعاينة الحطام ثبت لفريق التحقيق أن حريقا اندلع في الجو، وانتشرت النيران داخل الطائرة (بسبب إطلاق النار عليها)، وأن هناك تسرب للوقود (بسبب اطلاق النار ايضا) ما زاد في انتشار الحريق عندما تحطمت الطائرة. لقد بدأت النيران في منطقة مركز الجناح، ثم وصلت إلى داخل الطائرة (قبل الهبوط) فالتهمت معظم الأرضية ومقصورة الركاب ومن فيها من البشر.
كان موقع سقوطها على بعد 35 كم جنوب شرق مدينة الإسماعيلية – مصر.
ذكر التقرير أيضاً أن الناجون وُجدوا على مسافة بعيدة من الحطام (تقرير منظمة الطيران المدني).
موقف النظام الليبي من الكارثة:
أُرسلت 55 جثة (على الأقل)، من جثث الضحايا الليبيين إلى مدينة بنغازي، شُيعت جنازتهم يوم 26 فبراير197 3م، أي بعد خمسة أيام من الكارثة. وبمجرد وصول جثث الشهداء، أزدادت الأجواء في ليبيا توتراً واحتقاناً، خاصة أثناء وبعد دفن الضحايا في مقبرة “سيدي عبيد” بمدينة بنغازي، فقد انطلقت – إثر انتهاء مراسم دفن الشهداء – مظاهرات احتجاج ضخمة غاضبة في المدينة، نددت بالنظامين الليبي والمصري، بسبب تقصيرهم في حماية الطائرة وركابها بالنسبة للنظام المصري، والتقصير في الرد المناسب من قبل النظام الليبي.
حاول الرائد مصطفى الخروبي (عضو مجلس قيادة الثورة في ذلك الوقت)، تهدئة الجماهير الغاضبة، لكنه هوجم – كما تواتر – من قبل الحشود فانسحب من المشهد، كما أنسحب أغلب الذين كانوا يمثلون السلطة في ذلك الوقت، ما زاد من استغراب وغضب الجماهير. ثم أُعلنت حالة الاستنفار القصوى في البلاد، وأخذت الإذاعة الليبية تبث التهديدات لإسرائيل. وتبث – بجانب ذلك – التهديدات لمن ينتقد الانقلاب ورجال الانقلاب، وكذلك تبث المديح للنظام العسكري ولأعضاء مجلس قيادة الثورة.
كما تعرضت الجالية المصرية في يوم الجنازة للهجوم من قبل المتظاهرين، بل وقُتل أحد المواطنيين المصريين، كنتقام من السلطات المصرية، التي عجزت عن مواجهة الطائرات الإسرائلية وحماية الطائرة المدنية. الأمر الذي نرفضه رفضاً تاماً، ولا نقره، بل ورفضه عموم الشعب الليبي أيضاً، ونعتبره ظلماً وتعدياً وإجحافاً على الأبرياء، فلا ذنب للشعوب في تخاذل أو تقصير أو ضعف أنظمتها.
نعم، من حقنا أن ننقد مواقف النظامين الليبي والمصري، لأن مواقفهما انحصرت في الاستنكارات والبيانات والتهديدات الجوفاء، بجانب التطبيل والتزمير والمديح لقادة النظامين، والتهديد لمن يحاول (افتراضا) أن يتطاول علي أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعلى رجال الانقلاب بصفة عامة، ولكن – مرة أخرى – لا علاقة للشعوب بتخاذل الأنظمة، ولا علاقة لها بالكارثة.
ليس ذلك فحسب، بل اُعتقل على خلفية تلك المظاهرة مجموعة من المواطنيين الليبيين، منهم على سبيل المثال السادة فتحي علي البكوش، وفتحي محمد عبد الله بالتمر (حكم عليه بالسجن عشر سنوات)، ونجيب الزليطني، وتوفيق الغزواني، وعبد السلام محمد أبوبكر الحشاني (حكم عليه بالمؤبد)، وعبد السلام عبد الحميد الجريدي، وشعبان علي مسعود (حُكم عليه بالمؤبد)، وجابر إبراهيم العبيدي، ونبيل عبد الحميد العرفيه، وقد خرج بعضهم من السجن في حالة نفسية سيئة جداً جداً.
كما اُستغلت امكانات الإذاعة الليبية عبر كافة برامجها في التطبيل والتزمير والتعظيم. يروي الأستاذ عبد الونيس محمود الحاسي – على سبيل المثال – أن مدير إذاعة بنغازي نظم اجتماعا حضره العديد من الكتاب والمذيعين والمحررين ومقدمي البرامج من أجل توجيههم وتحفيزهم ودفعهم لحماية الانقلاب، ومحاربة الرجعية، والثورة المضادة، ومن أسموهم ببقايا العهد البائد، والذين اتهموا بأنهم استغلوا المظاهرة لتشويه الانقلاب عبر إحداث الشغب والفوضى.
كان من بين الحاضرين في ذلك الاجتماع: المذيع الطاهر ارحومة (رحمه الله)، والذي دافع عن المتظاهرين، وذكر أنهم ليسو من الرجعيين، وليسو من أنصار ما يسمى بالثورة المضادة، ولا علاقة لهم بالرجعية، ولا علاقة لهم بالعهد الملكي، وأكد أنهم ينتمون إلى عموم الشعب، فهم – كما يقول المرحوم الطاهر ارحومة – عمال وطلبة وتجار وبسطاء، ولهم الحق في التظاهر والتعبير عن غضبهم تجاه أسوأ كارثة جوية في التاريخ.
وأضاف المرحوم الطاهر، أن تظاهرهم واحتجاجهم كان بسبب أنهم لم يلمسو – من مجلس قيادة الثورة – ردود افعال أو اهتمامات أو قرارات أو خطوات ترتقي إلى مستوى الكارثة. كما طالب بالتحقيق في ملابسات الكارثة، بل واقترح أن يُشكل فريقاً من الذين حضرو الاجتماع، من الإعلاميين بالذات، وإجراء تحقيق مفصل حول الجريمة، بما في ذلك مع طاقم برج مراقبة القاهرة، وقوات الدفاع المصرية.
وبدلاً من الاستجابة لمقترحاته، أو تعديلها، أو مناقشتها، اُستدعي السيد ارحومة من قبل نيابة بنغازي، واُتهم ببث الإشاعات الهدامة ضد “الثورة – الانقلاب”، وسُجن بعد أن رفض الاعتذار عما ذكره في الاجتماع المذكور (تخرج السيد الطاهر ارحومة في معهد المعلمين ببنغازي ربما في 1960، واشتغل بالتدريس، ثم أصبح مذيعًا. سُجن أيضاً بعد حملة الاعتقالات التي أعقبت خطاب زوارة في أبريل 1973، توفي يوم 19/12/2013). (الحاسي، عبد الونيس، ).
انحرف الموضوع – إذاً – من التركيز على القرصنة الدموية من قبل إسرائيل، وعلى الكارثة وضحايا الكارثة، إلى الدعاية للنظام مديحا وإطراءا ودفاعا. كما تواتر أيضاً أن مساعد الطيار الليبي: السيد المهدي يونس عياد، عاد إلى ليبيا بعد أن تم علاجه في فلسطين المحتلة، ومثل للتحقيق، ثم مُنع من الطيران، وتوفي رحمه الله في مايو من عام 2018م.
ولا ننسى في هذا الخضم أن ننوه إلى تصريح المرحوم منصور الكيخيا، وزير الخارجية الليبي في ذلك الوقت، والذي ذكر فيه: أن ما حدث يعتبر جريمة إرهابية عالمية (السيد منصور الكيخيا، ذهب هو أيضاً لاحقا ضحية لإرهاب الدولة).
موقف النظام المصري:
كان الترقب والتوتر سيدا الموقف في المنطقة، وحتى مع انتهاء حرب الاستنزاف وقبول عبد الناصر لمبادرة روجرز للسلام، استمر التوتر على اشده، نظراً لتعنت قادة الكيان الإسرائيلي، وتجمدت الحالة بين مصر والكيان الإسرائيلي إلى حالة: “لا سلم .. ولا.. حرب”، حالة يشوبها التوتر الشديد. ويُفترض – في هذه الأجواء – أن تكون أجهزة المراقبة والرادارات والأنشطة الاستخباراتية في أقصى حالات الانتباه والترقب والاستعداد، من قبل الطرفين.
لذلك نستغرب موقف الجانب المصري، فحرب الأيام الستة في يونيو 1976م، واحتلال سيناء، وأجواء التوتر والحذر والترقب، تفرض حالة يقظة وتأهب واستنفار قصوى، وعلى أعلى المستويات، فكيف – في مثل هذه الظروف – تنحرف طائرة مدنية عن مسارها بعيداً عن مطار القاهرة، وتتجه شرقاً نحو أرض محتلة يسيطر عليها عدو، دون التواصل مع الطيار، ودون تحذيره في الوقت المناسب، ودون توجيهه من أجل تصحيح مساره قبل أن يجتاز قناة السويس، أو على الأقل قبل أن ترصده طائرات الكيان الغاصب المحتل، فيتم تزويده بتعليمات وإجراءات حول كيفية التعامل مع الموقف وتفادي الكارثة.
وبكلمة أخرى، لماذا لم تسبق الطائرات الحربية المصرية الطائرات الإسرائلية؟ كنت أتمنى أن تتواجد طائرات حربية مصرية في الأجواء، ولو قريبة من حدود الأراضي المصرية المحتلة، لقد تحركت الطائرات الإسرائيلية بأسرع ما يمكن، ربما بعد دقائق تُعد على اصابع اليد الواحدة من دخول الطائرة المدنية لأجواء سيناء، لذلك كان غضب الشارع الليبي شديداً.
كما نتسأل أيضاً: متى كان آخر اتصال بين برج مطار القاهرة والطيار قبل إطلاق النار على الطائرة المنكوبة؟ ألم يكن هناك موعدا لوصول وهبوط الطائرة في مطار القاهرة؟ ألم يتسأل أحد من برج مطار القاهرة عن سبب عدم وصول وهبوط الطائرة في الوقت المحدد؟ هل اتصل أحد من البرج بالطيار متسائلاً عن سبب تأخر وصوله أو تأخر هبوطه؟ هل من المعتاد أن ينقطع الاتصال مع الرحلات الجوية المدنية عندما يقترب توقيت هبوطها؟ ألا يُفترض أن يكون هناك تواصلا مستمرا دقيقاً مكثفاً، خاصة عندما تقترب الرحلات الجوية من مطار الهبوط؟ هل تم الاتصال الأخير في الوقت المناسب؟ أم بعد فوات الأوان؟ الأمر يحتاج إلى مراجعة وتحقيق وإجابات شافية، حتى بعد نصف قرن ويزيد.
نبذة مختصرة، ومختصرة جدا، عن بعض ضحايا الطائرة:
الشهيدة: سعاد محمد إبراهيم الهنقاري:
الشابة سعاد محمد الهنقاري من مواليد مدينة الزاوية في 24/12/1952، شابة رائدة نشطة متفوقة طموحة، درست المرحلة الابتدائية والإعدادية بمدينة الزاوية. التحقت بمدرسة طرابلس الثانوية بشارع النصر. متفوقة في دراستها، مشاركة فعالة في الأنشطة والفعاليات والبرامج الثقافية بالمدرسة.
تحصلت على الشهادة الثانوية (القسم العلمي) بتقدير ممتاز، ما أهلها لأن تكون إحدى الطالبات الموفدات لدراسة الطب بالقاهرة (تخصص طب وجراحة الأسنان)، لم يكن هذا التخصص متوفر بالجامعة الليبية. أظهرت أثناء دراستها بجامعة عين شمس بالقاهرة تميزاً ومثابرة وتفوقاً. وكانت كعادتها مشاركة فعالة في أنشطة الجامعة، كما كانت تتمتع بأدب جم وحسن خلق رفيع، بجانب علاقات طيبة مع زملائها وزميلاتها من الليبيين وغير الليبيين. كانت سعاد تقوم بزيارة اسرتها ووطنها ليبيا أثناء العطلات.
في أوائل شهر فبراير من عام 1973، وصلت سعاد إلى وطنها ليبيا في زيارة لأسرتها. استغرقت الزيارة أسبوعين. ثم غادرت الوطن إلى القاهرة لأداء الامتحانات النهائية في يوم 21 فبراير 1973م، على متن الطائرة المنكوبة.
وبذلك، ودعت سعاد الشابة الطموحة المتميزة الطيبة النشطة المتفوقة الدنيا، وهي في مقتبل عمرها ( 22 سنة تقريبا) وعز شبابها وقمة طموحاتها وشغفها لخدمة وطنها وأبناء وطنها. سعاد كانت تريد أن تُسعد الناس عبر التخفيف من آلامهم ومحاربة أمراضهم واسقامهم، لكنها ودعت الدنيا مبكراً، بسبب دموية وعنجهية وتكبر وتصلف الكيان المحتل، والذي ما زال حتى يومنا هذا متغولاً في دماء الضحايا المسلمين الأبرياء.
في يوم رحيلها: ودعت سعاد أسرتها الكريمة، كان في وداعها في مطار طرابلس والدها الشيخ إبراهيم محمد الهنقاري (رحمه الله)، وشقيقها محمد الهنقاري. لم يُدرك ثلاثتهم أنه الوداع الأخير.
ولتخليد ذكراها، تبرع والدها بقطعة أرض بُني عليها مدرسة ثانوية للبنات، حملت إسم الشهيدة سعاد (مدرسة الشهيدة سعاد محمد الهنقاري)، تقع المدرسة بمنطقة سبان بالزاوية. تخرج فيها أجيال وأجيال خدمن البلاد والعباد، وكأنها رسالة من الله سبحانه وتعالى تحقق عبرها طموح الشهيدة سعاد في خدمة البلاد والعباد. تقبل الله الشهيدة وحشرها في الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء (المصدر: اتصالات شخصية مع السيدة آمال الهنقاري شقيقة الشهيدة).
نبذة عن المرحوم الشيخ إبراهيم محمد الهنقاري والد الشهيدة سعاد:
كتبت السيدة آمال الهنقاري في كتابها “نصوص . مقالات. وثائق” لمحة عن حياة الشيخ محمد إبراهيم، جاء فيها أن الشيخ إبراهيم ولد بمدينة الزاوية الغربية في عام 1906م، وكان حافظاً لكتاب الله، وعلى درجة عالية من الفقه. التحق بمعهد ميزران، ثم بكلية أحمد باشا. عمل مدرسا وإمامأ بجنزور حتى عام 1932م. عُين قاضيا في عدة مدن بليبيا (منها: غات، وهون، وصبراتة، وغريان، والزاوية، والعجيلات، ومصراتة).
كما كان عضوا بالجمعية التأسيسية للدستور، بل وحرر كلمة الافتتاح لجمعية الدستور. بعد الانتهاء من أعمال الجمعية، وعقب إعلان استقلال ليبيا، عاد إلى عمله كقاضي بالزاوية. ثم عُين وكيلاً لمحكمة طرابلس الابتدائية، ثم ناظرا لنظارة المعارف بولاية طرابلس قبل إلغاء النظام الاتحادي. عمل بعدها بالمحاماة إلى أن أنتقل الى جوار ربه في عام 1984م.
من إسهاماته بجانب مسيرته المهنية (القانونية والسياسية) تأسيسه للجمعية الخيرية الإسلامية بمدينة غريان. كان أيضاً يقرض الشعر ويميل إلى القصص التاريخية، ويتحدث اللغة الإيطالية بطلاقة. وهكذا: كان الشيخ إبراهيم – والد الشهيدة – قامة من قامات الوطن، وصاحب اسهامات رائدة سياسية واجتماعية وقانونية.
وللمرحوم ذرية كريمة تكونت من ستة من الأبناء (صدقي: رحمه الله، محامي؛ وإبراهيم: كاتب، عمل بوزارة الإعلام والإذاعة، شغل منصب وكيل وزارة النفط في العهد الملكي، نشر كتابان: “هوامش على دفتر الأيام” و “في غات عرفت القمر”؛ ومصطفى، رحمه الله، أديب وشاعر وأستاذ جامعي في الأدب المقارن؛ وعلي، رحمه الله، مهندس؛ ومحمد، رحمه الله ، درس القانون وعمل بشركة الزويتينة؛ ود. خالد، رحمه الله، استاذ جامعي بكلية العلوم – جامعة طرابلس، تخصص جيولوجيا)، وخمس كريمات: زينب، رحمها الله، ربة بيت؛ وفوزية، توفيت رحمها الله وهي في عمر الطفولة؛ وسامية، أستاذة في علم الأحياء، خريجة جامعة طرابلس؛ ووداد، استاذة علم الاجتماع، خريجة جامعة قاريونس؛ وآمال، خريجة جامعة طرابلس، تخصص خدمة اجتماعية، خبيرة دولية في حقوق الطفل، عضو كرسي الألكسو في خدمة الطفولة، ومؤسس ورئيس منظمة آمالنا للإعلام والتنمية الشاملة.
الصحفي عبد القادر طه الطويل:
السيد عبد القادر الطويل، كاتب وصحفي من مدينة بنغازي، ورئيس تحرير صحيفة “الريبورتاج” التي كانت تصدر في العهد الملكي. أحد الذين حوكموا عقب إنقلاب سبتمبر في المحاكمات العلنية التي جرت على الهواء، ومثل فيها أمام محكمة عسكرية، رؤساء تحرير خمسة عشر صحيفة (الأمة، الحرية، الحقيقة، الرائد، الرقيب، الريبورتاج، الفجر، الزمان، الشعلة، طرابلس الغرب، الطليعة، العمل، العلم، ليبيا الحديثة) وذلك خلال شهري يناير وفبراير من عام 1972م. وعرفت بمحاكمة الكلمة.
كان المرحوم عبد القادر طه الطويل رئيس تحرير صحيفة “الريبورتاج” كما ذكرنا، والتي تأسست في 1967م (أثناء العهد الملكي) وكان صاحب موقفاً مشهورا شجاعاً في مواجهة محاكميه. كان الرائد بشير هوادي رئيساً للمحكمة، والرائد عمر عبد الله المحيشي ممثلاً للإدعاء.
واجه المرحوم عبد القادر محاكميه بشجاعة كما ذكرنا، ومما ذكره في تلك المحكمة، أثناء المداولات (بل كانت مناكفات) بين كل من القاضي والمدعي العام من جهة، والسيد عبدالقادر الطويل من جهة أخرى، ومما ذكره قوله: “إنكم تسجنون البراغيث وتتركون الفيلة، وإنكم تحاكمون الكلمة، والكلمة لا تُحاكم”، كان فعلاً شجاعاً صلباً صريحاً، أثار موقفه وشجاعته ضجة في ليبيا وضعت المحكمة في موقف حرج، وحرج جداً.
يتوافر على الرابط أدناه، مقطع من محاكمة الشهيد عبد القادر، على موقع يحمل اسم: “أسرة المرحوم عبد القادر طه الطويل”. المقطع من التسجيلات النادرة التي يُشكر من احتفظ بها لنصف قرن ويزيد (منذ 1972)، ثم يُشكر أيضاً على نشره. المقطع يحوي جزء من الحوار بين المرحوم عبد القادر وبشير هوادي وعمر المحيشي أثناء محاكمته، عندم كان الشهيد واقفا في قفص الاتهام، مدافعا عن الكلمة وحرية الرأي والتعبير
الإعلامية والمذيعة والشاعرة السيدة سلوى حجازي:
ولدت السيدة سلوى حجازي بالقاهرة في 1 يناير 1933، تخرجت من مدرسة فرنسية تسمى”اليسيه فرانسيه”. قدمت السيدة سلوى للتليفزيون المصري عديد البرامج، منها على سبيل المثال، برامج: “شريط تسجيل”، و”العالم يغني”، و”أمسية الإربعاء”، و”المجلة الفنية”، و”عصافير الجنة”، وهو برنامج للأطفال رائع ناجح. كما عملت مذيعة باللغة الفرنسية في 1960م، حيث كانت تقدم نشرة الأخبار بالفرنسية. كانت سيدة نشطة مؤثرة محبوبة جدا جدا، ذات قبول اجتماعي كبير.
كانت الشهيدة سلوى ضمن بعثة التليفزيون العربي لليبيا (هكذا كان يُسمى التليفزيون المصري أو أحد المحطات الرئيسة في مصر)، وعقب إنتهاء مهمتها، عادت إلى وطنها على متن الطائرة المنكوبة.
منحها الرئيس أنور السادات – بعد وفاتها – وسام “العمل” وأُعتبرت من شهداء الوطن. كما كتب فيها الشاعر فؤاد حداد قصيدة رثاء بعنوان “سلوى العزيزة أو سلوى الحنينة”
والمعروف أن سلوى حجازي كانت موهوبة في كتابة الشعر بالفرنسية، كما صدر لها أربعة دواوين: “أضواء وظلال”، “إطلالة”، “سماح”، “أيام بلا نهاية”، وأهدتها أكاديمية الشعر الفرنسية ميداليتها الذهبية عام 1964، كما فازت بميدالية ذهبية في مسابقة الشعر الفرنسي الدولي عام 1965.
رفع أقرباء الضحية (وعلى رأسهم السيدة رضوان الشريف – ابنة الضحية) بالتعاون مع اسرة الطيار الفرنسي، دعوة أمام المحاكم الفرنسية ضد المسؤولين الإسرائيليين الذين كانوا وراء الكارثة (حسن، ماهر، online؛ حداد، فؤاد،online ).
الشهيد السيد صالح مسعود بويصير وزير الوحدة والخارجية بليبيا:
السيد صالح من مواليد مدينة بنغازي عام 1925م، التحق في 1937م بالأزهر الشريف. عمل صحفياً في جريدة برقة الجديدة. ثم رئيساً لتحريرها. وساهم في إصدار مجلة الفجر الليبي، وجريدة الدفاع. أُنتخب في العهد الملكي (عام 1952م) عضواً في مجلس النواب. ثم أصبح وكيلاً للمجلس. أصطدم بالعهد الملكي فسجن، لكنه هرب من السجن في 1955م، وغادر إلى القاهرة. كان على صلة وثيقة بمنظمة التحرير الفلسطسنية، وأهتم بالفلسطينيين المهاجرين في مصر، تحصل على درجة الماجستير في التاريخ، وكان عنوان رسالته “جهاد شعب فلسطين في نصف قرن”، قدم للكتاب ياسر عرفات. عاد بعد انقلاب سبتمبر 1969م إلى ليبيا (بعد 14 عاما) وأصبح وزيراً للوحدة والخارجية (من 8 سبتمبر 1969 إلى 16 أكتوبر 1970م)، ثم وزيراً للإعلام (من 16 أغسطس )، وفي 1972م أصبح عضواً بمجلس الأمة الاتحادي، والذي ضم كل من ليبيا ومصر وسوريا. كان الشهيد أحد ضحايا الرحلة المنكوبة، حيث كان في طريقه للقاهرة.
الشهيد الأستاذ عيسى سالم الأسود الشقروني:
ولد السيدعيسى الأسود عام 1928م بمدينة يفرن، أنضم في 1949م إلى مجال التدريس وذلك بعد أن تحصل على دبلوم أهلية التعليم. التحق بوزارة الداخلية وعمل بها كأمين سر من 1953 إلى 1958م، عُين بعدها مفنشاً للآثار. أهتم بالترجمة والحفريات والأبحاث. أُوفد في 1963 في بعثة دراسية إلى روما، وبالتحديد إلى معهد الآثار بها. عُين في 1970م مديراً لإدارة البحوث الأثرية بطرابلس. أستمر في وظيفته إلى أن انتقل إلى جوار ربه ضمن ركاب رحلة الموت.
أشترك السيد عيسى في تنظيم متاحف لبدة، وصبراتة، وقرقارش، وجنزور، وجرمة، وقورينا، وغيرها. عمل أيضا، فيعدة مناطق أخرى منها: بونجيم، والسدادة ووادي النفد ووديان بني الوليد، وكان له مشاركات في ترميم المسرح الدائري بلبدة، كما وجه اهتمامه إلى الفن الإسلامي، فأسهم في تأسيس متحف إسلامي.
اختير مرافقاً علمياً للبعثات الأثرية الوافدة إلى ليبيا، والتي كانت تقوم بالحفر والبحث والتنقيب. كان – أيضاً – أحد المؤسسين لمجلة “ليبيا القديمة” وأحد المسؤلين عنها، وهي مجلة سنوية تصدر عن “مصلحة الآثار”، نُشر بها الشهيد دراسات عدة، ونشر بها أيضاً عديد الترجمات. حيث كان يترجم مقالاتها التي تُنشر باللغة الإيطالية إلى اللغة العربية. لم تقتصر جهوده في المجلة على الترجمة والتحرير، بل ساهم بمهنية عالية فيما يخص ملاحق المجلة، ولا تخفى علينا أهمية الملاحق حيث أنها مصدر موثوق يعتمد عليه في إعداد الأبحاث.
كان السيد عيسى الأسود مولعاً بالآثار وفنونها والمتاحف والكهوف واللغويات والقواميس والأجناس والشقف والخزف والأقواس والحفريات والنقوش والتنقيب وحضارات الشعوب.
كان أيضاً واسع الثقافة ملم بأكثر من لغة منها الإنجليزية والايطالية، وكان يجيد الأمازيغية أيضاً، كما اقتحم أيضا مجال اللغة اللاتينية واليونانية، وكان ملماً بالرموز والرسومات والنقوش. وله – بجانب ذلك – كتابات وتقارير وبحوث ومقالات علمية رائعة حول الآثار، نشرها في عدة مجلات علمية.
أعد أيضاً عدة تقارير ودراسات عن اشغال واعمال البعثات الأجنبية العاملة في كل من صبراته ولبدة، كما قام بترجمة النصوص التي نُشرت في مجلة “ليبيا القديمة”، وشارك بالإضافة إلى كل ذلك في عدة مؤتمرات علمية حول تخصصه.
كان الشهيد أحد ركاب الطائرة المنكوبة في طريقه إلي القاهرة لحضور جلسات لجان الوحدة، بإعتباره خبيراً في المتاحف والآثار، وكان برفقته زملائه من مصلحىة الأثار، السادة: عوض مصطفي السعداوية ومحمد فضيل الميار (وهم أيضاً من ضحايا الكارثة). ترك المرحوم زوجة وستة أولاد.
ويعتبر السيد عيسي سالم الأسود من أهم علماء الآثار في ليبيا بصفة خاصة، وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط بصفة عامة، كان له عقلية “معلم”، و”باحث”، و”مدون”، “وموثق”، و”خبير”، بجانب أنه كان دمث الأخلاق، متفائل، وطني صادق الوطنية.
(مصادر المعلومات: مقابلة شخصية مع أبناء الشهيد: سالم والمبروك؛ كتاب: “ليبيا – إيطاليا – شراكة في علم الآثار” ص 136-137؛ المصراتي، 1978، ص 276-392؛ قناة يفرن على الفيس بوك، موقع مصلحة الآثار).
المرحوم إسماعيل محمد ضبوح المسماري:
ولد السيد إسماعيل المسماري بمدينة إجدابيا في عام 1936م، أتم دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية بمدينة اجدابيا. عمل كمحاسب مع شركة برتش بتروليم (BP الخليج). كان يمتاز يالصدق والأمانة والدقة والاتقان في عمله.
درس فترة في كلية العلوم جامعة القاهرة خلال عام 1963م، التحق في عام 1966م للعمل مع الشركة الليبية الأمريكية للاستصلاح الزراعي، والتي أوفدته في بعثة دراسية لمصر، حيث التحق بالمعهد العالي العربي الأفريقي بالقاهرة، لدراسة هندسة المساحة. أكمل دراسته بتفوق في عام 1972م، فعاد إلى أرض الوطن، واستقر به المقام بمدينة بنغازي.
استضافه المعهد العالي العربي الإفريقي بالقاهرة، بعد فترة، لحضور حفل التخرج الذي أقامه المعهد تكريما لخريجيه، سافر إلى القاهرة على متن الطائرة المنكوبة لحضور الحفل، فكان أحد ضحايا القرصنة الجوية الدموية.
ترك المرحوم زوجته الكريمة، وثلاثة من الأولاد: كريمته نادية، وأبنائه خالد وطارق. للمرحوم أربعة من الأخو هم (إسماعيل وسعد وعمر وسليمان) (المايل، حسن،(online
الشهيد السيد رجب سليمان إبراهيم عكاشة:
السيد رجب عكاشة، ابن مدينة زوارة، قامة من قامات الوطن من أبرز رواد الحركة الكشفية والحركة الشبابية في ليبيا، فقد التحق بالحركة الكشفية عام 1955م، وتدرج في المهام والمسؤوليات الكشفية، حتى وصل إلى قائد فرقة، بل وتحصل على وسام المرج الذهبي عام 1963، وقلادة الشارة الخشبية عام 1964، وكان – أيضا – أحد أعضاء لجنة التدريب بكشاف ليبيا.
نظم أول مخيم للعمل التطوعي في ليبيا، وأشرف على مصائف الشباب مند 1968 وحتى عام 1971. شارك في الكثير من المخيمات العربية، وأشرف كذلك على العديد من المخيمات التدريبية، وكان أحد قادة التدريب العرب بالقاهرة عام 1971م. كان من ضمن البعثة الكشفية لخطوط وقف إطلاق النار، وهي البعثة التي تكونت أثر الاعتداء الإسرائيلي على البلاد العربية. ترأس بالإضافة إلى ما سبق، الاتحاد الفرعي لتنس الطاولة أيضاً، وتولى إدارة المدينة الرياضية بطرابلس، وإدارة مكتب الشباب والرياضة بطرابلس. وهو أحد مؤسسي نادي الشباب العربي بطرابلس.
كان في طريقه إلى اليمن للإسهام في بناء الحركة الكشفية في اليمن، استقل الطائرة المنكوبة، كمرحلة أولى في رحلته للقاهرة، فكانت الكارثة. أطلق أسمه على المجمع الرياضي بطرابلس والذي أصبح يُعرف بـ: مجمع رجب عكاشة. شيّعته مدينته زوارة كما شيعته مدينة بنغازي في موكب مهيب وحزين في جنازة شهداء الطائرة الليبية. كان يشغل مهمة عضو لجنة التدريب بكشاف ليبيا (كتاب: زوارة تراث وحضارة – نقلا عن موقع “الحصرية للمنتخابات الليبية.”وموقع ديوان الطرابلسي).
ماذا قيل في الشهيد عكاشة عبر تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي:
كان المرحوم رجب عكاشة قائدا كشفيا متميزا، ورياضيا محبوبا، وتربويا مخلصا، قدوة في القول والعمل، تقبله الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون (الأستاذ أحمد الأحمر)، أللهم اغفر له وارحمه كان المرحوم مدرس في مادة التاريخ بمدرسة المدينة القديمة في سنة 1966م، وكنت أنا طالب في السنة الخامسة وكان لاعب كرة السلة مع فريق الشباب العربيي (علي الفيتوري الدباشي)، اللهم اغفر له وارحمه رحمة واسعة، الأستاذ رجب عكاشة كان مدربنا ايام كنا بفريق الأشبال لكرة السلة بنادي الشباب العربي حيث اقيم أول دوري للأشبال في كرة السلة في ليبيا ايام كنت طالباً بطرابلس الإعدادية (د. خالد الباروني)، رحمة الله عليه اسم فى الذاكرة. لطالما ارتبط باسم أخى الله يرحمه ويغفر له، لعيب كرة السلة نادى الوحدة د.سالم الحامدى (فايز الحامدي)، كان معلما في مدرسة المدينة القديمة حيث قام بتدريسي مادة العلوم على ما أعتقد عندما كان أ. عبد الرزاق التركي مديرا لها في منتصف الستينات، كان دائما بشوشا ومحبوبا من قبل تلاميذ المدرسة (عادل زقلام)، الله يرحمه ويغفر له قائدى المحترم المميز آخر نشاط كنت معه فى رحله إلى بنغازى وكان ملتقى مرشدات ليبيا (سعاد اسكندراني)، أخ فاضل وصديق عزيز، عرفته في بداية إشتغالي في العمل الصحفي فكان خير عون، وكان نعم الرفيق ، غفر الله له والحقنا به على الإسلام (محمود السوكني)، إنه قائدي منذ سنة 1960 وكنا سويا اثناء حرب 1967 وتحديدا في الأردن بالزرقاء (محمد شنبور)، كان رحمة الله عليه قائد البعثة الليبية بالمخيم الكشفى العربى السابع بمخيم جودايم سنة 1966م، حيث كنت أحد افراد الفرقة 11 (ابو القاسم الزواري)، ربي يرحمه ويغفر له وسميت ابنته باسم سيناء تخليدا لذكراه (سيناء عكاشة)، ربي يعطيك الصحه والعافيه ويرحم والدك الفاضل ويسكنه فسيح جناته (أماني صلاح الدين)، مثل أعلي قمة في الأخلاق والأدب عشنا مع بعض في لندن عندما كان مرافقا مع أخيه المريض رحمهما الله برحمته الواسعة (نوري الزياني)، قبل سفره بيوم اعطيته رساله لصديق يمني في مدينة صنعاء، توفي ولم تصل الرسالة وهذه إرادة الله سبحانه وتعالى (امحمد بارا علي)، رحمة الله عليه كان قائدي في مخيم الصقل الفني سنة 68، وفي المخيم العربي الثامن في سيدي فرج بالجزائر (Majeed Darriz).
الشهيد: السيد محمد فضيل الميار:
ولد السيد محمد فضيل الميار بمدينة شحات في 21 نوفمبر 1930م.عُين في 1948م مدرساً بمدينة مسه (وذلك عندما كان عمره 18 عاما). التحق بالمعهد العالي للمعلمين ببنغازي، وتخرج فيه عام 1952م. التحق بالجامعة الأمريكية ببيروت وتحصل على دبلوم في محو الأمية وتعليم الكبار، فتولى مسؤولية: مدير محو الأمية وتعليم الكبار بمنطقة الجبل الأخضر. عُين في عام 1956 مديراً لمدرسة شحات.
أنتقل بعدها إلى مصلحة الآثار وأصبح مراقباً لآثار شحات. كان مهتما بقطاع السياحة في مدينة شحات، ومتعاونا مع العديد من المنظمات الدوليه في مجال الآثار والسياسة، كما كان متعاونا مع منظمات السياحة البريطانية والأمريكيه والألمانيه والإيطاليه والفرنسيه.
شارك في عدة مؤتمرات اقليمية و دولية، له دراية باللغة الانجليزية والايطاليه، وهو أحد مؤسسي نادي الصداقة بشحات في خمسينيات القرن الماضي. تم تكريمه عدة مرات من قبل مصلحة الآثار ووزارة المعارف والتربية والتعليم.
كان برفقة زملائه في طريقهم إلى القاهرة ضمن ركاب الرحلة المنكوبة، لحضور جلسات لجان الوحدة، وكان “التعاون في إدارة الآثار الليبية” أحد بنود الجلسة. وكان من ضمن التعاون المفترض نقل الآثار الليبية إلى مصر، الأمر الذي عارضه الشهيد بقوة، على اعتبار أن الآثار الليبيه ثروة وطنية يجب أن تبقى في ليبيا.
كان برفقته الشهداء عيسى سالم الأسود وعوض مصطفى السعداويه زملائه بمصلحة الآثار. كان ثلاثتهم في طريقهم إلى القاهرة من ضمن ركاب الرحلة المنكوبة، فذهب الثلاثة ضحية عجرفة ودموية وتسلط وغطرسة الكيان المغتصب.
ربطته علاقة صداقة مع البرفسور أندري لاروند A. Laronde رئيس البعثه الفرنسيه في ذلك الوقت، والذي تأثر بفقدان السيد ميار، كما قامت البعثة الفرنسية بكتابة تعزية لشهداء مصلحة الأثار في مجلة Antiquites Afrikaine.
كما أعد السيد عبد الكريم فضيل الميار شقيق الشهيد رسالة ماجستير في التاريخ القديم، بعنوان: “قورينا في العصر الروماني: من عام 74 ق.م – إلى عام 117 م”، نُشرت في 1978م، تصدرها السيد عبد الكريم بإهداء لشقيقه، جاء فيه:
“أهدي مجهودي المتواضع هذا إلى روح شقيقي الأكبر المربي القدير الشهيد محمد فضيل الميار الذي كان له الفضل في تربيتي ومواصلة تعليمي والذي أحاطني برعايته المادية والمعنوية حتى لقى ربه شهيدا في حادث الطائرة الليبية في يوم الإربعاء 18 محرم سنة 1393 هـ الموافق 21 فبراير 1973م.”. وفي لمسة وفاء من طلبة وطالبات وأهل شحات، قرروا تسمية المدرسة الرئيسة بالمدينة بمدرسة “الشهيد محمد فضيل الميار” (المصدر: الميار، سالم، 2021م).
الشهيد عوض مصطفى السعداوية:
ولد السيد عوض السعداوية بمدينة سوسة في شهر مارس من عام 1936م، التحق بعد انتهائه من المرحلة الثانوية بكلية الآداب والتربية بالجامعة الليبية – بنغازي. وتخرج فيها ضمن الدفعة الأولى، في عام 1959م، حيث نال شهادة الليسانس في التاريخ. أوفد بعدها في بعثة دراسية إلى بريطانيا، والتحق بالتحديد بكلية الآداب – جامعة ليفربول، ونال فيها شهادة الماجستير في 1964م. عُين مساعدا للمشرف على الآثار في قورينا السيد ريتشارد جولد تشايلد، مشرف الآثار في قورينا، عين بعدها، وبالتحديد في 1966م، كأول مشرف على الآثار في قورينا. وكان بجانب كل ذلك عضوا في هيئة تحرير مجلة “ليبيا القديمة”، أسهم بشكل فعال في إنشاء قسم الآثار في الجامعة الليبية عام 1970م.
أظهر الشهيد كفاءة وصدق ونزاهة ونظاما وإخلاص في أداء واجباته. اهتم بالحفريات والمتاحف والترميمات، واشتهر بالمشاريع طويلة المدى، اشترك في عدة مؤتمرات علمية في ليبيا وسوريا وتشاد وروما، منها ما قامت اليونسكو بتنظيمها. ( كتاب: ليبيا- ايطاليا: شراكة في علم الآثار – من منشورات مصلحة الآثار – السراي الحمراء – طرابلسص 170-171).
أعلن احتجاجه بشدة ضد تهديم الصرح الأثري الكبير، أو النصب التذكاري المعروف بإسم (قوس اخوان فيليني) الذي كان ينتصب منذ أكثر من 2.500 عام وسط الصحراء؟!. كما أعلن احتجاجه، ضد تحطيم تمثال (سبتموس سيفيروس) بمدينة طرابلس، نظرا لأهميته من الناحيتين التاريخية والأثرية، وقد كتب الأستاذ المرحوم عوض السعداوية بذلك رسميا إلى منظمة (اليونيسكو) التابعة لهيئة الأمم المتحدة (الحاسي، 2007).
تبرعت أسرته الكريمة، بمكتبته الخاصة إلى مكتبة قسم الآثار ، فتم تخصيص ركن خاص بالمكتبة لكتب الشهيد عوض السعداوية. افتتحت المكتبة رسمياً في 18/4/2004، بمناسبة احتفال القسم باليوم العالمي للمواقع الأثرية (الحاسي، 2021م، بو رحيل، 2021).
حول ما جاء في تقرير فريق التحقيق:
التقرير مهني، وثق الكارثة دقيقة بدقيقة، وأغلبه فقرات ايجابية تصب في صالح الضحايا، وضد القراصنة، وبه أيضا بعض النقاط التي شعرت أنها كان يجب أن تصاغ بصورة أكثر دقة، فقد تستخدم في صالح المجرمين، وربما تبرر – نظريا – وبصورة غير مباشرة ما قام به المعتدين، ومن ذلك، على سبيل المثال:
“أصبحت قوات الدفاع الإسرائيلية قلقة عندما رصدت طائرة مجهولة تقترب من خليج السويس على مسار يؤدي إلى قاعدة ريفيدم الجوية”، فاستخدام كلمة “قلقة”، “طائرة مجهولة”، “في طريقها إلى قاعدة جوية”، ” فيه شيء من تقديم العذر للطيران المعتدي، ناهيك عن استخدام مصطلح “قوات الدفاع”، بينما هي قوات معتدية هاجمت الطائرة المدنية.
“أشار قائدها (قائد الطائرة الحربية) بيديه إلى أسفل، باتجاه القاعدة العسكرية، عدة مرات”، فلفظة “عدة مرات” قد تشير إلى التجاهل أو عدم الاهتمام من جانب الطيار المدني، وأن قائد الطائرة الحربية قد أدى واجبه وأعطى أكثر من فرصة للطائرة المدنية كي تستجيب للإشارات.
كذلك الإشارة إلى أن: “الطائرة الفانتوم كانت على بعد 12 مترا فقط من الطائرة البوينغ”، في ذلك تلميح أو إشارة إلى قصر المسافة بين الطائرتين، فيفترض أنه لا عذر للطيار المدني في عدم مشاهدة إشارات الطيار الحربي. كما نتسأل – من جهة أخرى – عن مصدر هذه المعلومات (أشار عدة مرات)، لا شك أنها من الجانب المعتدي، والشهادة لا تؤخذ من القاتل ضد المقتول.
وبمعنى آخر، وكأن هذه الجمل بهذه الصياغة جاءت على لسان الإسرائيليين، أي إذا تحدث إسرائيلي عن الجريمة فإنه سوف يروي الأمر بتلك الصيغ (أي كنا قريبين جدا من الطائرة ولا عذر للطيار في أنه لم يرانا، وكذلك أشرنا له عدة مرات).
وعلى كل حال، حتى لو كانت المسافة بين القاتل والضحايا 12 متراً، أو أقل، فهذا الأمر ضد القاتل، لأنها مسافة تكفي لرؤية الركاب المدنيين، ولذلك ضغطت سلطات الكيان الإسرائيلي على أحد الناجين من المضيفين الفرنسيين أن يشهد زوراً (وقد رفض ذلك): بأن ستائر نوافذ الطائرة كانت مُسدلة، ولذلك لم يستطع الطيار الإسرائيلي (القاتل) أن يتأكد أو يتيقن من أن الطائرة تحمل ركابا مدنيين (أطفال ورجال ونساء). وهذه القصة أظن أنها مفبركة في حالة سؤال القاتل: كيف تكون على بعد 12 متراً – كما أدعيت – ولم تر الركاب المدنيين”.
أشار التقرير إلى أن سيناء منطقة “تحت الإدارة الإسرائيلية” وكان يجب أستخدام مصطلح “تحت الاحتلال الإسرائيلي” (مرة أخرى خطاب فيه لين).
وفي فقرة أخرى: كان يجب أن يكون التعبير الصحيح: “أندلعت النيران داخل الطائرة، بعد اطلاق النار عليها”، وليس كما جاء في التقرير “دخلت أو وصلت النار إلى مقصورة الركاب.”، وكأن الطيار الذي قام بالجريمة لم يقصد أن تندلع النيران في مقصورة الركاب.
وبصيغة أخرى: ماذا كان يتوقع الطيار عندما يطلق النار على أجنحة طائرة مدنية في الجو؟؟!!، أن تخجل أو تستحي النيران من الوصول إلى الركاب مثلاً. جميعنا يدرك أن انهيار الطائرة وإندلاع النيران فيها وتحطمها سببه أول الرصاصات التي اطلقت على الطائرة. وجميعنا يُدرك أن النيران إذا اندلعت في موضع أصبع فحتما ستندلع في كامل الطائرة، فمعظم النار من مستصغر الشرر.
ومن جهة أخرى، فإنه وارد جداً جداً جداً – كما جاء في التقرير – أن الطيار أو مساعده لم يَفهما ولم يُدركا الإشارات التي قام بها قائد الطائرة الحربية بيديه. ولكن: حتى لو فهمها الطيار المدني أو مساعده، فالأجواء مربكة إلى أبعد الحدود؛ انحراف عن مسار الرحلة الأصلية، الأجواء السياسية والأمنية العامة الشديدة التوتر، الطيران فوق أرض محتلة، طائرات حربية تحاصر الطائرة المدنية، 113 من البشر على متن الطائرة، مسؤوليته، عدم إدراك أن طائرات قراصنة الجو هي في الواقع طائرات إسرائلية وليست مصرية كما أعتقد الطيار أو مساعده في البداية، ما يبرر عدم استجابة الطيار لإشاراتهم، فمن المستحيل أن يدور في خلدهم أنهم سيقصفون من قبل سلاح الجو المصري، ما يفسر التباطو في الاستجابة للإشارات الغبية من قبل الطيار القاتل.
من الظلم والغباء والاجحاف – إذا – أن يُلام الطيار، فهذه القرصنة الجوية الإرهابية لا تحدث يومياً حتى نفرض أن الطيارين المدنيين يعرفون كيف يتعاملون مع مثل هذه المواقف المرعبة الشاذة.
ملامة الطيار المدني من قبل قادة الكيان جميعهم، هو هروب من المسؤولية وجبن من الطراز الأول، وهذا ما فعلته جولدا ماير وموشي ديان واليعازر، كانوا جبناء عندما وجهوا اللوم للطيار المدني، ولم يوجهوا اللوم للطيار القاتل الذي قام بالجريمة. ثم تراجعوا – كما ذكرنا – عندما أدركوا سذاجة وغباء تصريحاتهم، وانكشفت تفاصيل الكارثة بعد العثور على الصندوق الأسود.
من التبريرات الغبية – أيضاً – أن هذه الطائرة ربما جاءت لتنفيذ هجوم إرهابي أو كانت تنوي القيام بعملية انتحارية، وفي ذلك إضافة للكم الهائل من التبريرات الغبية، لأن الطائرة طلبت من برج المراقبة في القاهرة الأذن بالهبوط قبل أن يُدرك الطيار أنه فوق صحراء سيناء، أي أنه كان ينوي الهبوط أصلاً.
كما استدار للعودة إلى الغرب والخروج من أجواء سيناء(تجاه مطار القاهرة)، عندما أدرك أنه فوق صحراء سيناء، بل وكانت الطائرة لحظة اطلاق النار عليها، على بعد دقيقة – تقريباً – من الأراضي المصرية غير المحتلة، ما يدل على أنه لم تكن هناك نية في القيام بعملية انتحارية أو إرهابية.
ذُكر في تقرير فريق التحقيق ، بل وفي أكثر من تقرير ومقال وتحليل وتصريح، أن الطائرة اصطدمت عند هبوطها الاضطراري بكثبان رملية فتحطمت، ما تسبب في موت الضحايا، وكأن الهبوط الاضطراري والاصطدام بالأرض هو الذي أدى إلى تحطم الطائرة وموت الركاب. وفي ذلك محاولة واضحة للتدليس والتضليل، لقد بدأ موت الركاب في الجو بعد اطلاق النار على الطائرة واندلاع النيران فيها. إن إطلاق النارهو سبب الكارثة برمتها، وليس الهبوط الاضطراري، الهبوط الاضطراري أضاف الى المآساة مآساة، لكنه ليس السبب الرئيسي.
ملاحظات عامة أخرى:
لوحظ أن صور الضحايا وصور أخرى ذات العلاقة بالكارثة مختفية من الشبكة العنكبوتية. فمقالات متوفرة على النت حول الكارثة، ولكن مكان الصور وسط المقال أو التقرير خال من الصور، فنجد – على سبيل المثال – مربع أبيض بدون صورة موجود وسط تقرير أو مقال مكتوب تحته تعريف بالصورة (مثلاً: حطام الطائرة، أو صورة ضحية، أو صورة الطيار القاتل، أو أية صورة لها علاقة بالطائرة المنكوبة، أو بالضحايا.. إلخ). البيانات حول الصورة موجودة، لكن الصورة غير موجودة. تكرر ذلك في أكثر من مصدر.
ليس فقط الصور بل مراجع عدة تتحدث عن الكارثة مختفية أيضاً من الشبكة العنكبوتية. المعلومات عن المرجع (عنوان المرجع، المؤلف، سنة الإصدار، الناشر) متوفرة على النت، لكن عند البحث عنه، تجد الصفحة غير متوفرة. حدث ذلك مع أكثر من مرجع. أنظر على سبيل المثال المراجع التي استعان بها موقع ويكيبيديا حديثا. وبصيغة أخرى وكأن إزالتها مقصودة.
لوحظ أيضاً ان 90% على الأقل من المقالات والتقارير والتحقيقات والوثائقيات والمقابلات النصية والمرئية اتفقت في كم هائل من التفاصيل الرئيسة حول الكارثة، حيث تواترت حقائق واحداث وتفاصيل ودقائق الجريمة في كم هائل من المصادر التي نجت من العبث. فلم يكن هناك اختلاف رئيسي بينها في جوانب رئيسية، ما يؤكد مصداقية ما جاء في تلك المصادر بالرغم من اختلاف مصادرها وتاريخ نشرها وجنسيات وتوجهات كتابها.
جوانب وتساؤلات لا يمكن تجاهلها أو استبعادها:
أن مساعد الطيار الليبي ( السيد المهدي يونس عياد) الذي نجا في الكارثة، ويعتبر الشاهد الرئيسي الأول، قد تعرض إلى ما أدى إلى فقدان ذاكرته (ولو مؤقتاً)، حتى لا يتذكر دقائق التفاصيل أولاً، وحتى لا تقبل شهادته إذا ما نوه إلى تصرفات القتلة، وقد طلب فريق التحقيق تقرير طبي حول هذه الحالة (فقدان الذاكرة) ورفضت سلطات الكيان توفير ذلك.
إن زيارة فريق التحقيق لحطام الطائرة بعد 45 يوما من الكارثة، يعتبر زمنا طويلا جدا، يمكن لسلطات الكيان أن تفعل بالحطام ما تشاء. بل ربما تعبث بكل شي بما في ذلك إخفاء أدلة أو جوانب أخرى تدينهم.
لا يمكن استبعاد أن الطائرة تم اختطافها بعد التشويش على أجهزة الملاحة بها من قبل الكيان، فاية صدفة تلك التي تؤدي إلى عطل البوصلة وأدوات اتصال وملاحة أخرى في طائرة سليمة انطلقت من طرابلس إلى بنغازي بكل سلاسة.
أما سبب الاختطاف فحدث ولا حرج، شخصية أو شخصيات مطلوبة لدى الكيان لسبب أو آخر، مرتبطة بأمور سياسية، أو قضايا جوسسة، فقد تناثرت هذه الاحتمالات والتوقعات والتحليلات هنا وهناك.
عندما طُرح هذا الاحتمال على أحد المسؤولين الإسرائليين، أجاب قائلاً: كيف لنا أن نعلم من هو في القائمة؟ ثم أضاف وكيف كنا نتوقع أن تضل الطائرة طريقها وتدخل إلى أجواء سيناء؟
بالطبع في هذه الإجابة الغبية، اعتراف أن الطائرة ضلت طريقها أولاً، ولم تكن في رحلة إرهابية، أما معرفة وجود شخص سياسي أو جاسوس على متن الطائرة، فأمر يسير، ويسير جداً، في هذا العصر، عصر الجوسسة والاختراقات والتقنية. ليس ذلك فحسب بل أن الكيان الصهيوني ليس بحاجة إلى القائمة بأكملها، فتكفي إشارة من دوائر اسخباراتية، أن تلك الشخصية هو أحد ركاب الطائرة. مطاردة شخصية ما، والتشويش على أجهزة الطائرة، تواترت بقوة، وما زالت احتمالات لا يمكن تجاهلها أو استبعادها، إلا بدليل القاطع. وربما يؤيد ذلك الأمر الذي تلقاه الطيار القاتل “اسقطها مهما كان الثمن”، وقد ورد ذلك في اعترافات قائد الطائرة الحربية يفتاح زمير Yiftah في مقال او مؤتمر صحفي تحت عنوان “لقد ظل هذا الأمر يطاردني لمدة 50 عامًا: لقد أسقطت الطائرة الليبية”، أنظر للمادة في هذا الرابط:
https://www.ynetnews.com/magazine/article/hkkhvhpyt
وفاة المضيف الفرنسي السيد السيد جان بير بوردييه بع (فترة قصيرة من نجاته من الكارثة، وضغط سلطات الكيان الإسرائيلي عليه ليشهد زورا (وقد رفض ذلك): بأن ستائر نوافذ الطائرة كانت مُسدلة، ولذلك لم يستطع الطيار الإسرائيلي (القاتل) أن يتأكد أو يتيقن من أن الطائرة تحمل ركابا مدنيين (أطفال ورجال ونساء). موت الرجل بهذ السرعة، ينبي بأن موتته ليست طبيعية بهدف التخلص منه ومن شهادته أمام المحاكم. ومما يثير هذه الشكوك، رفض سلطات الكيان تزويد فريق التحقيق بشهادة الكشف الطبي عن الضحية السيد بوردييه أثتاء وجوده في فلسطين المحتلة.
هناك حديث حول العدد الصحيح للركاب وأنهم ليسو 113 بل 114 وأن هناك جثة
تحدث تقرير فريق التحقيق عن وجود 98 راكب كبار، و3 أطفال، ورضيعان، في جدول أحمال الرحلة، أي أن المجموع 103 راكب. وأضاف التقرير في الصفحة الخامسة أن في موقع آخر، ظهر في جدول الأحمال 104 راكب وهو العدد الذي يطابق قائمة الخطوط الجوية الليبي وليس 103. ولنا الحق في أن نتسأل: هل كانت هناك محاولة لإخفاء أو إزالة شخصية ما من القائمة؟ ما يعزز، ولو نظريا، ما ذُكر من شكوك، حول هدف اسقاط الطائرة.
وأخيرا..
فإن محاكمة ومحاسبة ومعاقبة الجناة، وتعويض الضحايا تعويضا عادلاً ماديا ومعنويا وقانونيا، ما زال امراً واردا، فمثل هذه الجرائم الجنائية لا تسقط بالتقادم، ولنا عدة أمثلة في عصرنا هذا، كتفجير طائرة UTA الفرنسية من قبل النظام الليبي في النيجر، وتعويض أهالي الضحايا بملايين الدولارات. وكذلك قضية لوكربي – على سبيل المثال – أو طائرة البوينغ 747 التابعة لشركة بان أميركان للطيران، والتي فُجرت في الجو في 21 ديسمبر 1988م، وراح ضحية هذه الجريمة 270 إنساناً.
ففي 13 نوفمبر 1991 (بعد ثلاث سنوات من تفجير الطائرة) صدرت أوامر بالقبض على إثنين من الليبيين، يشتبه بأنهم متورطين في الجريمة، ولم يتم تسليمهم من قبل النظام الليبي إلا في عام 1999م (بعد 11 سنة من الكارثة)، على أن يُحاكموا في بلد ثالث (هولندا).
وفي 31 يناير 2001م (بعد 12 سنة تقريباً من كارثة لوكربي)، حُكم على أحد المتهمين (السيد عبد الباسط المقرحي) بالسجن مدى الحياة، وفي عام 2003 (بعد 14 سنة من الكارثة)، اعترف معمر القذافي بمسؤولية ليبيا عن الكارثة، ودفعت ليبيا تعويضات للضحايا بلغت 2.7 مليار دولار. وفي 2009 (بعد 20 سنة تقريبا)، تم الإفراج عن المقرحي لأسباب إنسانية (وتوفي في 2012).
وفي أواخر 2022 (بعد 34 سنة تقريباً من كارثة لوكربي)، أتهمت الولايات المتحدة الأمريكية أبوعجيلة مسعود المريمي (ليبي مسؤول بجهاز المخابرات الليبي)، بتورطه في كارثة لوكربي، واختطف أو سُلم للولايات المتحدة الأمريكية في 21 نوفمبر 2022م، ومثل أمام محكمة في أمريكا في ديسمبر من عام 2022م.
وهكذا بعد أكثر من ثلث قرن طالبت أمريكا بشخصية ليبية أخرى (أبو عجيلة مسعود) للتحقيق في الكارثة، بالرغم من منطوق الحكم الذي صدر ضد المقرحي، وبالرغم من الاعتراف بالمسؤولية عن الجريمة من قبل معمر القذافي، وبالرغم من التعويضات الضخمة، وبالرغم مما مرت به ليبيا من معاناة بسبب الحصار الذي فُرض عليها جراء إتهامها بالكارثة.
فلماذا لا نفعل نفس الشيء مع جريمة الطائرة الليبية المنكوبة، حيث لم يعوض أهالي الضحايا من قبل الكيان المجرم، ولم يدان أحد رسمياً من الكيان الإسرائيلي، ممن أمروا أو أرتكبوا أو تسببوا في كارثة الرحلة 114، وأيضاً ممن أعطوا الأوامر بإطلاق النار عليها، كما لم يُنشر تحقيقاً رسمياً من قبل الكيان حول الكارثة، فقط كلمات عامة وتصريحات رسمية موجهة مقتضبة، لا تخلو من تدليس، ولا تخلو من ملامة الضحية، بدلاً من ملامة الجلاد. ولم يُحاكم أحد حتى يوم كتابة هذا التقرير، حتى محاكمة صورية. وحتى لو مات المسؤولين عن الأوامر والجريمة، فالمسؤولية تقع على الكيان، ولا تسقط – مرة أخرى – بالتقادم. وأتمنى أن تتدخل الدولة في إحياء هذا الأمر وفتح ملف الجريمة من جديد، ومن جميع جوانبه. والله من وراء القصد.
قائمة الضحايا حسب موطن الأصل والترتيب الأبجدي:
الليبيون:
إبراهيم الطاهر الشين (طالب)، ابو بكر محمد الحجازي ( مهندس – في مصدر آخر الحجاجي)، ابو بكر محمد جدولة (أعمال حرة)، اسماعيل محمد ضبوح (ضبوع)، امال محمد بن عامر البكوش (محامية)، حسن الترهوني ارحيم، حسن عبد الحفيظ الجهاني. (موظف – سياسي)، حسونة ابراهيم حسونة (طفل – 9 سنوات – تلميذ)، رجب سليمان عكاشة (قائد كشاف)، رشيد محمد خليفة المالطي (طالب)، سالم محمد الكوم، سعاد محمد الهنقاري (طالبة طب)، السنوسي الزنتاني الدعبوب (ممرض)، السنوسي محمد نجم (نجار)، الصادق الصويعي أبو القاسم (موظف)، صالح مسعود بويصير(وزير خارجية ليبيا في ذلك الوقت)، عبد الحفيظ محمد أدحيم (عامل)، عبد الخالق المصراتي (مضيف)، عبد العظيم مصطفى دمدوم (طفل – سنة واحدة)، عبد القادر طه الطويل (كاتب وصحفي)، عبد الله محمد ابو زيد (أعمال حرة)، عبد الواحد مفتاح عبد الكافي (أعمال حرة)، عطية خليفة محمد كرفاخ (مقاول – الاسم مختلف في مصدر آخر قفاص ربما – غير واضح)، علي ابراهيم حسونة (طفل – طالب)، علي عبد الجليل النائلي (عامل)، علي فرج عبد السلام (طفل – 12 عام)، علي يونس المكي (سائق)، عمر عبد الرحمن الصادق (أعمال حرة)، عوض مصطفى محمد السعداوية (موظف)، عيسى سالم الاسود الشقروني (خبير آثار ومتاحف)، عيسى صالح سعيد (عسكري)، فاطمة المبروك أبو قعيقيص (طبيبة)، فتحي جاب الله الكوم (أحد الناجين)، فتحي شعبان الهمشري (طالب)، فرج عبد السلام المشاط (عامل – ربما الشماط)، فوزية فرج عبد السلام (14طفل عام)، مبروكة محمد جويلي (ربة بيت)، محمد ابراهيم حسونة (طفل – العمر) ، محمد الصادق الورفلي (مقاول)، محمد الصالحين السعيطي (أعمال حرة)، محمد سعيد ابو زيد (طفل -3 سنوات)، محمد عبد الله الشكماك (عامل)، محمد فضيل الميار (مدير آثار شحات)، مخزوم محمد محمد أبوستة (عسكري)، منصور علي الشقعابي (تاجر – ذُكر أنه صاحب مصنع في مصدر آخر)، المهدي يونس عياد (مساعد الطيار)، ميلاد ابو العيد محمد (مدرس)، نجمة عبد العزيز الحصادي (ممرضة)، نوري علي جعفر( طبيب أخصائي – ذُكر أنه صيدلي في مصدر اخر)، هشام فرج سحيم ( طفل – 4 سنوات)، يونس مصطفى الكوم.
المصريون
اعتدال زكي محمد أبو نصر ربة بيت، جمال الدين عفيفي محمد مهندس،حسن صالح سالم مهندس، حسن محمد حسن تاجر، حسني زكي الشامي تاجر، خالد المصراتي مضيف، زينب صالح علي مصطفى ربة بيت، زينب محمد عبد جشيش موظفة
سعد الدين علي الفقيه مدير شركة، سلوى محمد رضوان حجازي مذيعة، سمير ابراهيم عبد الله محاسب، سميرة زكي الشامي ربة بيت، سهير مصطفى شكري ربة بيت، السيد السيد إمام عوض طبيب، صلاح محمد اسماعيل مهندس، عبد الحميد محمد أحمد ابوزيد مبيض، عبد العزيز صلاح الدين الأيوبي محامي، عزت ناصف علي ربة بيت، عزيز حسن الوكيل – ، عصام الدين امين أحمد مدير أعمال، عصمت عبد الحميد حسن قبطان، عطيات محمد الشرقاوي ربة بيت، فاروق محمد ابوزيد مدير فندق، فتحية عبد العزيز الجمل ربة بيت، فؤاد مصطفى عبد المعطي مخرج اذاعة، محمد احمد سيد قطب نجار، محمد احمد محمد حجازي موظف، محمد حسن علي القبله سمكري، محمد حمدو احمد قنديل خلاق، محمد عبد الرحمن محمود اسطى بناء، محمد لبيب اسماعيل زائد محاسب، محمود حسين أبو عطية محامي، مديحة محمود احمد صالح ربة بيت، مرفت محمد لمغازي محمود موظفة، مصطفى محمد حنفي ، نادية محمد عيد عطية ممرضة، نعيمة ابراهيم حسن، هاني ابراهيم الحنفي محاسب.
السوريون: سليم اسماعيل الشيخ يونس بحار، شحاتة عبد الرحمن بري بحار، عمر صالح الريماوي بحار، محمد عبد القادر سلواية بحار. الأردنيون: جورج خليل عيسى الخوري مهندس، حمد غسان محمد علي العلاق تاجر، فهد حربي عبد القادر ابو حرب طفل. اللبنانيون: ديني كرم مضيفة، رشيد قاسم طموش معلم، عارف فؤاد الفر مستشار، عايدة حبيب هل هي مضيفة؟ الفلسطينيون: حسني عوض علي عوض الله موظف، فاطمة أحمد لطفي دلال. السودانيون: منى موسى محمد موسى؛ الفرنسيون؛ استيفان ديفاريو رئيس طاقم، جاك بورجيس قائد طائرة، جاكلين جينوكس مضيفة؛ جان بير بورديات مضيف، روبرت نودان مهندس طيران. الألمان : غارسيل يلات ميكانيكي؛ البولنديون: سيدريك ازدين – ازديز مهندس؛ الأمريكيون:بوريو جيمبك مستشار.
الذين بقوا على قيد الحياة: اسعد شاكر النكوص موظف، فتحي جاب الله الكوم طالب، فيصل محسن الشريف مزارع، المهدي يونس عياد طيار، هبة الله محمد عبد الحفيظ ميكانيكي.
رحم الله الشهداء.. وغفر لهم وتجاوز عن سيئاتهم .. وحشرهم في الفردوس الأعلى.. مع الأنبياء.. والصديقين.. والشهداء.. وعوض ذويهم والوطن عنهم. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
“يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي”
صدق الله العظيم.