إنه مرض العصبية والجهوية والمناطقية! العصبية للمدينة والقبيلة واللغة! فصار الانتصار لها مُقدم على الانتصار للحق والعدل وإنصاف المظلوم، وقد حرم ديننا الإسلامي الانتصار لغير الحق سواء كان للقبيلة أو للمدينة أو للجهة، وحذرنا من ذلك، وأمرنا بالانتصار للمظلوم ولو كان بعيداً، والاقتصاص من الظالم والأخذ على يديه ولو كان قريباً!! فما أحوجنا للانحياز إلى الحق والعدل ونصرة المظلومين والوقوف في وجه الظالم والمعتدي والمجرم ولو كان من قبيلتنا أو مدينتنا كائناً من كان، فإن الله سبحانه وتعالى ينصر الدولة العادلة التي تقتص من الظالم للمظلوم ولو كانت دولةً كافرة، والعكس بالعكس تماماً.


يقول نبينا صلى الله عليه وسلم (إن الله -عز وجل-قد أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وفخرَها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، لَيَدَعَنَّ رجالٌ فخرَهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكُونُنَّ أهونَ على الله من الجعلان، التي تدفع بأنفها النتن).

التواصل والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم
نعم نهى الدين الإسلامي عن التفاخر بين الناس الذي يؤدي بهم إلى العصبية أو القبلية التي تؤدي إلى الشقاق والخلاف بين الناس، والتفريق بين المجتمع الواحد، بل وتؤدي بهم إلى قطع أواصر الصلة والمحبة بينهم.
وقد ورد في القرآن الكريم ما يؤكد على التواصل والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم، ويحقق الوئام بين عموم المسلمين، من خلال رابطة العقيدة الإسلامية، والأخلاق الحميدة التي هي أسمى رابط بين المجتمع المسلم، وفي ظل هذا الهدف الأسمى للدين الإسلامي، وتأكيداً على رابطة العقيدة، ونبذ العصبية والقبلية التي كانت سائدة قبل الإسلام، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه لله “فمن تعصَّب لأهل بلدته أو مذهبه أو قرابته أو لأصدقائه دون غيرهم كانت فيه شعبة من الجاهلية، حتى يكون المؤمنون كما أمرهم الله -تعالى- معتصمين بحبله وكتابه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإن كتابهم واحد، ودينهم واحد، ونبيهم واحد، وربهم إله واحد، لا إله إله هو، له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون”، وقال أيضا: “كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن مِنْ نَسَبٍ أو بلدٍ أو جنسٍ أو مذهبٍ أو طريقةٍ فهو عزاء الجاهلية.

نذير خطر قد يحل بالمجتمع الليبي الذي كان مترابطاً اجتماعياً
وما شهدته السنوات الأخيرة من عودة بعض من صفات الجاهلية من التفاخر بالقبيلة، وظهور العصبية، والاقتتال لأجلها والموت في سبيلها لهو نذير خطر قد يحل بالمجتمع الليبي الذي كان مترابطاً اجتماعياً رغم تعدد لغاته ولهجاته وربما حتى تقاليده.

فما أحوجنا لترسيخ المفاهيم الإسلامية بين أفراد المجتمع المسلم، وإعادة الروابط الاجتماعية لكي يتماسك النسيج الاجتماعي بيننا تحت مظلة الدين الإسلامي والأخلاق والمعاملات الحميدة، ونعيد التأكيد على ترسيخ مفهوم المجتمع المسلم الواحد الذي يمتاز فيما بينه بميزة تقوى الله.. كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [ الحجرات 13.

العجيلي العجيلي

مشاركة