أنتقل إلى رحمة الله مائة وسبع وخمسون إنساناً من مختلف الجنسيات، وأغلبهم من الليبيين، حدث ذلك عندما هوت طائرة الخطوط الجوية الليبية (بوينغ 727- الرحلة رقم 5A-DIA LN- 1103)، من ارتفاع 3000 قدم (1600 متر تقريباً)، وارتطمت بالأرض في منطقة سيدي السايح (13 كم شرق مطار طرابلس). فما سر هذه الرحلة المنكوبة؟ وما السر وراء سقوط هذه الطائرة، وسر تفحم الجثث، وذوبان أغلب أجزاء هيكلها؟

ومن المعروف أنه لا يُسمح للطائرة بالإقلاع إلا إذا اُعطيت الإذن بذلك، عبر التوقيع على صلاحيتها للطيران، وقد كان ذلك بالنسبة لهذه الرحلة، ما ينفي أن يكون خللاً ما، ربما تسبب في سقوط الطائرة، كما أن الطقس كان مناسباً جداً، ما ينفي أيضاً، أن يكون سوء الأحوال الجوية، قد سبب أو أسهم في وقوع الكارثة.

هناك نظريتان أو روايتان تشرحان خلفيات هذا الحادث المروع، رواية الحادث العرضي، ورواية الحادث المدبر.

نظرية الحادث العرضي:
في أواخر ديسمبر من عام 1992م، وبالتحديد في صباح يوم الثلاثاء الموافق 21 ديسمبر ( شهر 12) 1992م، أقلعت طائرة الخطوط الجوية الليبية، البوينغ 727، ورقم رحلتها 1103، من مطار بنينة بمدينة بنغازي قاصدة مدينة طرابلس، يقودها الطيار علي عبد المالك الفقيه وعلى متنها 157 مسافر.

وصلت الطائرة إلى ارتفاع 28000 قدم، وعند التحليق فوق مدينة مصراتة تقريباً، انتقل الاتصال مع الطائرة من برج المراقبة بمطار بنينة إلى برج المراقبة بمطار طرابلس. وعند الاقتراب من مطار طرابلس، وعلى ارتفاع 3000 قدم، طلب قائد الرحلة إذناً بالهبوط، إلى ارتفاع 2000 قدم، استعداداً للهبوط النهائي، لكنه تلقى إشارة من برج المراقبة بمطار طرابلس تخبره بأن يبقى على إرتفاع 3000 قدم.

كرر الطيار رغبته في أن يهبط إلى ارتفاع 2000 قدم، ولكن طُلب منه الانتظار، لأن هناك طائرة تدريب عسكرية (ميج – تحمل اسم مارد1) ستقلع في هذا الوقت من مطار طرابلس متوجهة إلى مطار معيتيقة (أو إلى منطقة تدريب في مدينة القره بولي)، يقودها الرائد عبد المجيد حماد الطياري ويساعده المقدم الطيار أحمد أبوسنينة. بقت الطائرة البوينغ في الانتظار على ارتفاع 3000 قدم لمدة 11 دقيقة. كما تواجدت في نفس الأجواء أيضاً – وفي نفس الوقت – طائرة أخرى على ارتفاع 7000 قدم (طائرة غير نفاثة – نوع توين أوتر – Twin Otter)، قادمة من حقل تبستي النفطي.

أقلعت طائرة التدريب العسكرية، وفجأة اصطدمت بذيل الطائرة البوينغ، ما تسبب في انفصال ذيلها، وسقوط الطائرتين، وموت كافة ركاب البوينغ، وتشوه جثثهم، بل تفحمها لدرجة استحال معها التعرف على أصحابها، كما ذاب أو أنصهر هيكل الطائرة بالكامل تقريبا. وقفز طياري الميج مستخدمين كراسي النجاة. هذه هي نظرية الحادث العرضي.

نُقل طياري الميج إلى مستشفى صلاح الدين، وتم التحقيق معهما بواسطة لجان من ليبيا وروسيا، قُدموا – بعد ذلك – الى محكمة عسكرية، حكمت عليهم بثلاث سنوات سجن، وعندما صدر الحكم كانوا قد قضوا 3 سنوات في السجن – أي أنهم أتموا المدة، لكنهم أُمروا بالبقاء تحت الإقامة الجبرية في قاعدة امعيتيقة. كما سُجن مراقب البرج العسكري الذي كان مناوبا وقت الحادث.
نظرية الحادث المدبر:
ذكر أصحاب هذه النظرية نفس المعلومات التي ذكرها أصحاب نظرية الحادث الطبيعي، ولكنهم أضافوا إلى ذلك وجود طائرة عسكرية أخرى (طائرة رابعة)، تواجدت في نفس الأجواء وفي نفس الوقت.

قامت الطائرة الرابعة بقصف الطائرة المدنية فهوت إلى الأرض، وأنتشرت شظايا منها في الجو، اصطدمت إحدى هذه الشضايا بالطائرة الميج، فقفز منها الطياران. سقوط الطائرة المدنية كان – حسب هذه الرواية – بسبب قصفها بصاروخ، أو بمقذوفات ما.

استدل أصحاب هذه النظرية بالحالة التي وُجدت عليها الطائرة البوينغ (انصهار تقريبا لأغلب أجزاء الطائرة، موت جميع الركاب، تفحم الجثث)، كما اُستدل – بذلك – لى أن الطائرة ربما كانت ملغمة أصلاً، قبل انطلاقها.

دعم أصحاب هذه النظرية استنتاجاتهم بمقارنة بين الحالة التي وجدوا عليها بقايا طائرة لوكربي (الرحلة 103PAN American بان أميركان)، والتي وجدوا منها أجزاء ضخمة غير منصهرة، بالرغم من انفجارها في الجو نتيجة تلغيمها، بالرغم من سقوطها من ارتفاع أعلى بألاف الأقدام من الارتفاع الذي سقطت منه طائرة الرحلة الليبية 1103. كانت رحلة البان امريكان متجهة من مطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن إلى مطار كينيدي في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية.

استدل اصحاب هذه النظرية أيضا بكارثة الطائرة الليبية التي أطلق عليها الصهاينة صاروخاً اسقطها في 21 فبراير 1972م، فوق صحراء سيناء، وقد بقت أجزاء ضخمة منها، بل ونجى بعض ركابها أيضاً، وحتى مكوك الفضاء الأمريكي “كولومبيا”، والذي احترق في 1 فبراير 2003م، جراء اصطدامه بالغلاف الجوي، حدث الاحتراق بسبب وجود خلل في العازل الحراري (العازل الذي يفصل الحرارة الشديدة الناتجة عن اصطدام واحتكاك المكوك بالغلاف الجوي). لقد تم العثور في تلك الواقعة على قطع ضخمة من المركبة غير منصهرة.

أما في في كارثة الرحلة 1103، فقد كانت بقايا الطائرة البوينغ -727 ، شبه ذائبة، وكانت الجثث متفحمة (دُفنت بقايا الضحايا في قبر جماعي بسبب صعوبة بل استحالة التعرف على اصحابها كما ذكرنا).

أُعتبر ما سبق، أدلة على أن الطائرة كانت ملغمة، وأن هناك مخطط مسبق لتفجيرها، وأن الاحتراق الذي وقع داخل الطائرة، ربما بدأ في الجو قبل السقوط، وليس بسبب ارتطامها بالأرض.

ورد في تقرير جمعية التضامن لحقوق الإنسان الليبي والذي نشره موقع المنار “سماع دَّوىَ صوت انفجار رهيب، تحولت بعده الطائرة إلى فتات متناثر فوق منطقة سيدي السايح، ولم يبق منها ولا من ركابها البالغ عددهم – 157- سوى قطع و أجزاء صغيرة جداَ، متفحمة ومنصهرة مع بعضها بفعل قوة الانفجار..” وجاء في التقرير أيضا “… فجأة تفقد طائرة البوينج توازنها ثم تشتعل و تهوي بمقدمتها إلى الأرض في منطقة سيدي السايح (جمعية التضامن لحقوق الإنسان الليبي).

ويضيف أصحاب هذه النظرية، استدلالت أخرى تقول: أن الطائرة كانت قد دخلت إلى حضيرة الصيانة، لكنها خرجت مبكراً، قبل أن يصل مهندس الصيانة – حسب إحدى الروايات – دخلت الطائرة إلى الحظيرة عند الساعة الثامنة والنصف مساء وخرجت عند الساعة السادسة صباحا، أي قبل وصول مهندسوا الصيانة، والذين يتواجدون بعد السادسة صباحاً، ما أعتبر أن أمراً ما، غير طبيعي حدث في تلك الفترة، ربما وُضع شياً ما في تلك الطائرة (يُشك حسب تلك الرواية أنها مواد متفجرة).

كما يُروى أيضاً، أن عبد الله السنوسي كان في ذلك الصباح المشؤوم في مطار بنينة بمدينة بنغازي، أي في الصباح الذي اقلعت فيه الطائرة متجهة إلى طرابلس، اشيع أنه مسؤول – في ذلك اليوم – عما يسمى بالتسفير العسكري، وهي مهمة لا تحتاج إلى رجل في رتبة ومنصب عبد الله السنوسي، فماذا كان يفعل في مطار بنينة في ذلك الصباح؟ كما تواتر أن ضابط (سيدة) دخلت الطائرة قبل اقلاعها من مطار بنينة، وانزلت شخصيات محسوبة على النظام.

ليس ذلك فحسب، فبعد وقوع الكارثة التي حلت بالطائرة ومن فيها، زار إبراهيم بكار العبيدي (وزير العدل والأمن العام – أي وزير الداخلية في ذلك الوقت) أسر الضحايا، وأصر على إجراء تحقيق دقيق مفصل، وصرح قائلاً: “هذه قضيتي، هذه قضيتي، وستكون هناك تحقيقات علنية، وستُعلن نتائجها”، ولكن كافة جهوده، وجهود لجان التحقيق التي شكلها تم إيقافها أو إلغائها أو عرقلتها. فقد ألغى النظام أربع فرق للتحقيق، من بينها لجنة سلامة الطائرات التابعة لمصلحة الطيران المدني الليبية.

وفي الثلاثين من ديسمبر من عام 1993م، عندما كان إبراهيم بكار عائداً من تونس عقب حضوره لمؤتمر وزراء الداخلية العرب، تعرض لحادث سير توفي إثره. تواتر بقوة أن الحادث كان مدبراً، أي أن الحادث كان عملية اغتيال، كي لا يتم التحقيق في الكارثة، فطويّ بذلك ملف القضية، وتم تشكيل لجنة تحقيق موالية للنظام، أخفى النظام نتائج التحقيق التي توصلت إليه لمدة طويلة جداً، كما سيأتي.
ا

استدلالات أخرى دعمت نظرية المؤامرة:
سيطر في الأيام الأولى، تكتم شديد على تفاصيل الكارثة، مع توجيه الرأي العام (مؤقتاً) نحو رواية الاصطدام، ووجهت أصابع الاتهام إلى الطيارين (الطياري وأبو سنينة)، حتى يكون النظام بريء من الكارثة.

ولكن، بعد إسبوع من سقوط أو إسقاط الطائرة، وبالتحديد في 31- 12- 1992م، تحدث معمر القذافي عن الكارثة في طلبة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة سبها، لكن تصريحاته ألقت ظلالاً قاتمة من الشكوك حول الواقعة، بدلاً من أن توضح أسبابها الحقيقية، بل أشارت تصريحاته – بصورة غير مباشرة – إلى النظام كمتهم أول.

كانت ليبيا في تلك الفترة تحت الحصار بسبب جريمة لوكربي، فحاول معمر وبقوة أن يربط الكارثة بالغرب، حيث صرح أثناء حديثه بكلية الاقتصاد، قائلاً: “شفتو مش قلنا لكم عندنا نقص في قطع الغيار، ومعندناش إمكانيات الصيانة، ونبهناهم على ذلك (أي نبهنا الغرب) بأن نقص قطع الغيار ستُعرض طائراتنا للسقوط.”

ثم أضاف قائلاً: “بصراحة الغرب اختار نفس تاريخ سقوط طائرة لوكربي، اختاروا هذا التاريخ حتى ينتقموا منا، وأن المخابرات الغربية اسقطتها مقابل لوكربي”، (طائرة لوكربي أسقطت يوم الإربعاء 21 – 12، وطائرة سيدي السايح أسقطت أو سقطت يوم الثلاثاء 22- 12). ثم أردف قائلاً: “إن الجيش الإيرلندي، والذي كنا نُدعم فيه، ثم تخلينا عنه، هو من فجر الطائرة انتقاماً منا”، كما أضاف في محاولة سطحية لامتصاص غضب الناس: “طائرات كثيرة سقطت، وهذه واحدة منهن”، يقصد الموضوع عادي ويحدث دائماً.

في هذه التصريحات رسائل تقول للغرب: نحن أسقطنا لكم طائرة (لوكربي)، وأنتم اسقطتم لنا طائرة. بل ذكر ذلك حرفياً، حيث قال: “لوكربي مقابل هذه الطائرة، والغرب انتقم منا، والغرب أخذ حقه”، في محاولة لإعطاء الغرب مبررا لرفع الحصار، وفي ذلك اعتراف ضمني بكارثة لوكربي، واعتراف صريح – أيضاً- بأنه كان متورطاً مع الجيش الإيرلندي.

نلاحظ في سرده للتبريرات (الغرب وإيرلندا) نفي واضح لرواية الحادث العرضي أو التصادم. ما دعم نظرية المؤامرة. فطالما أن الأسطول الأمريكي، والجيش الإيرلندي قاما – فرضاً – بإسقاط الطائرة – حسب رواية النظام – فذلك يعني أن الطائرة لم تسقط نتيجة حادث تصادم. ومن جهة أخرى: إذا لم تسقط أمريكا وإيرلندا الطائرة، فتظل كافة الاحتمالات الأخرى واردة.

شبهات أخرى:
• البعض يتحدث عن طائرة عسكرية رابعة مجهولة، غير طائرات البوينغ والميج والتوين. تواتر أن هذه الطائرة تعود إلى لواء طيران سوري (كان متواجداً في ليبيا) لحماية النظام، وأن هذه الطائرة هي من قصفت الطائرة البوينغ. وفعلاً سبق – كما تواتر – وأن قصفت طائرات اللواء السوري دبابات كانت متجهة من معسكر ترهونة إلى طرابلس في محاولة انقلابية.
• عدم السماح لشركة البوينغ في التحقيق في الحادث.
• الطائرة مؤمنة لدى شركة لويدز البريطانية للتأمين، وقد مُنعت الشركة من المشاركة في التحقيق. ربما خوفا من أن تكتشف شيء ما، لا يريده النظام أن يكتشف.

تساؤلات حول ماورد في وثائقي الجزيرة:
بثت قناة الجزيرة وثائقي حول الكارثة، وقد كان عملاً راقياً من حيث الجهد الذي بُذل لتغطية دقائق الكارثة، ومن حيث المهنية، كاختيار الضيوف وتنوعهم واطلاعهم على مسار الرحلة عن قرب، وكذلك من حيث طبيعة الأسئلة والإخراج، وغير ذلك من الأمور الفنية.

لقد تم اختيار ضيوف الوثائقي بدقة متناهية، حيث كان أغلبهم من ذوي الاختصاص من جهة، وممن عاصر الكارثة من جهة أخرى، ومن ذوي العلاقة المباشرة بالحادث واشخاصه، طيارون ومراقبون جويون وخبراء وأقرباء وفنيون كانوا في قلب الحدث، لذلك أوليت اهتماماً خاصاً لوثائقي الجزيرة.

استضافت الجزيرة الشخصيات التالية:
محمد عبد الرازق (مراقب جوي – مطار بنينا)، عادل الفقي (اخصائي عظام، شقيق قائد الطائرة، البوينغ المنكوبة)، رمضان رداد (شقيق أحد الضحايا)، عادل القاضي (عضو هيئة الطيران الدولية)، خالد تيناز (مدير الخطوط الجوية الليبية)، مفتاح الفيتوري (مدير مطار بنينة – نفى موضوع قطع الغيار)، رضا الفقي (مهندس صيانة – شقيق طيار البوينغ)، صادق خليل (مهندس طيران)، نزار المغربي (رئيس لجنة ذوي ضحايا الرحلة 1103)، خالد بكار (إبن وزير الداخلية المرحوم ابراهيم بكار)، المستشار يوسف عقيلة (صديق مقرب لإبراهيم بكار)، المستشار مصطفى عبد الجليل (الرئيس السابق للمجلس الانتقالي الوطني الليبي – صديق مقرب لإبراهيم بكار)، فوزي بالتمر (وكيل وزارةالمواصلات في ذلك الوقت)، مريم المشاي (مراقبة جوية – مدرسة في معهد الطيران المدني والارصاد الجوية ساعة اللقاء بها)، رمضان العكرمي (عضو لجنة التحقيق في حادثة الطائرة)، نور الدين كعال (مهندس مساحة)، توني كيبل (محقق في حوادث الطيران – حقق في كارثة لوكربي في سنة 1988م، وكذلك في واقعة تحطم طائرة الكونكورد في سنة 2000م)، ناجي ضو (عضو لجنة التحقيق)، أحمد أبوسنينة (طيار عسكري)، عبد المجيد الطياري (طيار عسكري).

كنت أتوقع أن أجد عبر ما ورد في وثائقي الجزيرة، إجابات مقنعة ونهائية تحسم الأمر، وبدلاً من ذلك، زادني محتوى الوثائقي حيرة، وترك ملاحظات وتساؤلات لفها شيء من الغموض، ملاحظات وتساؤلات بحاجة إلى إجابات مقنعة.

وفيما يلي حوصلة لتلك الملاحظات:
• حتى الدقيقة السابعة عشر وخمسة عشر ثانية (17:15) من الوثائقي المذكور، كانت الكفة تميل نحو نظرية الإسقاط المتعمد، ثم بدأت الكفة ( مع ضيوف آخرين) تميل نحو الحادث العرضي أو الاصطدام بطائرة التدريب الميج.

• لم يتعرض المتحدثون بعد الدقيقة السابعة عشرة، لأغلب الحجج والشواهد والشبهات التي طُرحت، ما جعل الشبهات التي طُرحت، قائمة حتى اليوم بدون إجابة أو تفسير (ومن تلك الشبهات: الحالة التي وجدت عليها الجثث، وما أنتهى إليه الحطام من ذوبان، وجود عبد الله السنوسي في مطار بنينة صباح الرحلة، إنزال بعض الموالين للنظام من الطائرة قبيل الرحلة، خروج الطائرة من الحظيرة مبكراً، قبل وصول مهندس الصيانة، تشابه تاريخ ورقم الرحلة مع تاريخ ورقم رحلة لوكربي، تصريحات معمر القذافي حول الكارثة، موت بكار… وغيرها)، هذه الشبهات أو على الأقل التساؤلات ما زالت قائمة، ولم يجاب عليها من قبل مؤيدي نظرية الحادث العرضي، ما يجعل كافة الاحتمالات قائمة، أو تدل على الأقل أن في الأمر شيء ما.

• جاء على لسان بعض المشاركين أنه بعد الاصطدام بالميج أنفصل ذيل الطائرة البوينغ وكأنه قطعة مركبة تركيب، فسقطت الطائرة عمودياً. وربما يحتاج هذا الأمر إلى مراجعة دقيقة، فالأقرب إلى الواقع أن الطائرة المدنية قد تجنح – بعد اصطدامها – أو تتقلب أو تدور حول نفسها وهي تهوي إلى الأرض. وبصيغة أخرى، لو انفصل الذيل عن الطائرة، بدون اصطدام، فربما سيكون سقوطها عمودياً. أما سقوطها نتيجة لاصطدام مع طائرة أخرى في الجو، فقد تختلف حالة ووضعية السقوط.

• جاء في الوثائقي أيضا أن الصندوق الأسود لطائرة البوينغ وُجد سليماً، واستخلصت منه معلومات دقيقة عن مسار وارتفاع وسرعة واهتزازات الطائرة، وغير ذلك من معلومات، بينما عثروا على الصندوق الأسود للطائرة الميج، في حالة سيئة جداً، حيث تعرضت اجزاء منه – كما ورد – إلى التمزق أو التلف أو الحرق الجزئي، ما جعل استخلاص معلومات دقيقة منه أمراً مستحيلاً، فتم إرساله إلى روسيا لتحليل أو استخراج المعلومات منه.

والسؤال الذي يفرض نفسه هو: كيف لا يتلف الصندوق الأسود لطائرة البوينغ، وقد تعرض هيكلها لشبه ذوبان، وتفحمت فيها جثث الركاب، بينا يتلف الصندوق الأسود للطائرة الميج والتي لم تتعرض إلى ما تعرضت إليه البوينغ، وبمعنى آخر فإن تلف الصندوق الأسود للبوينغ، أقرب إلى الواقع، وذلك حسب الحالة التي انتهت إليها البوينغ.

• ومن جهة أخرى: سجل جزء الشريط الذي يفترض أنه لم يتلف (!!) من الصندوق الأسود للميج، اهتزازات قوية تعرضت لها الميج على ارتفاع 1600 متر (3000 قدم تقريبا – نفس الارتفاع الذي وجدت عليه البوينغ)، فما سبب هذه الاهتزازات؟

هل من المحتمل (نظرياً) أن إطلاق صاروخ من الميج يسبب تلك الاهتزازات؟ هل مرور صاروخ موجه للبوينغ من طائرة أخرى (الرابعة)، مر بالقرب من الميج سبب لها الاهتزاز؟ تكمن أسباب هذه التساؤلات في أن اصطدام طائرتين في الجو وكلاهما بسرعة عالية، لدرجة أن البوينغ تفقد ذيلها الذي يحافظ على توازن الطائرة، وتفقد الميج جناحها الذي اصطدم بذيل البوينغ، لن تُسجل – شدة الاصطدام – في الصندوق الأسود كمجرد اهتزاز؟

• عندما وجدوا الصندوق الأسود للطائرة الميج، وقد تعرضت أجزاء منه للتلف كما ذكروا، أرسلوه إلى روسيا لفحصه، ونعلم أن الطائرة مصنعة في روسيا، وندرك أيضاً أن النظام كان حليفا لروسيا، أو على علاقة جيدة معه، ما يعني أن روسيا لن ترفض طلب النظام إخفاء معلومات لا يريدها النظام أن تُعلن أو تظهر أو تُنشر، لحاجة في نفس النظام العسكري.
• ومن الملاحظات الأخرى، أنه جاء في مشاركة أحد ضيوف الوثائقي، أن طاقم البوينغ كان يعلم أن هناك طائرة ميج في الأجواء، وأن قادة الميج كانا يعلمان أن هناك طائرة بوينغ في الأجواء، فمن هو الطرف الذي أعلم قادة الطائرتين بذلك؟ طالما أن منظومتي الاتصالات العسكرية والمدنية مفصولتان. فصلت المنظومتان حسب اتفاق بين الطيران المدني والطيران العسكري.

• كما جاء على لسان بعض المشاركين نقاط عدة غير مهنية وغير مقبولة على الاطلاق، ولا يمكن أن تكون مبررا للكارثة، بل تدل على انعدام الدقة، وغياب تام للمهنية، وكنت أتمنى أن لا تُذكر، كمسببات أو مبررات للكارثة، ومن ذلك على سبيل المثال: أن الشمس كانت مقابل عيون الطيار (طيار الميج)، بسبب انعكاس ضوء الشمس على زجاج غرفة القيادة لذلك كانت الرؤية غير واضحة (غرفة القيادة أمشوشة – كما جاء على لسان أحد المشاركين)، ويسترسل المشارك قائلاً: لو رأي طيار الميج طائرة البوينغ لتفاداها.

ومن ذلك أيضا أن الرحلة كانت رحلة تدريب، وأن الطيار لم يمارس الطيران منذ مدة، وهو أمر لا يبرر الكارثة، بل يورط الطيار وسلاح الجو.

إن علم قادة الميج بوجود طائرة بوينغ في الأجواء، يستوجب عليهم رفع مستوى الحيطة والحذر والتركيز والترقب والانتباه إلى أقصى حد. أضف إلى ذلك أنه جاء في أحد فقرات الوثائقي: أن إقلاع أو هبوط طائرتين عسكريتين شتت انتباه طيار الميج، فلم يرى الطائرة البوينغ، هذا شرح وتبرير غير مهني وغير مقبول، ولا يرتقي إلى مستوى الكارثة، حتى لو كان كل ما ذُكر صحيحاً، بل ويُعتبر طعناً في كفاءة طيار الميج الذي يفترض أنه مدرب، واتهامه بالإهمال، طالما أنه كان يعلم بوجود طائرة مدنية في الجو.

• جاء في الوثائقي ايضاً، أن السيدة المراقبة الجوية المسؤولة عن توجيه الطائرة المنكوبة، هي في مرحلة تدريب (أشير اليها بأنها موظفة متدربة)، ومن أبجديات المهنية أن يصاحب المتدربين – في أي مجال – خبراء أو مدربين، ولا تُعطى للمتدرب المهام كاملة، بل تكون – طيلة مدة التدريب – تحت الإشراف والتوجيه والمراقبة، أي يفترض أن يكون معها خبير كعادة الدورات التدريبية، خاصة في هذه المجالات الحيوية الحساسة، بل وخاصة أن في الأمر طائرة مدنية تحمل هذا العدد الهائل من البشر، وهذا لا يعني أنها لم تؤدي عملها بمهنية، ولكن الروتين والأضمن لسلامة الجميع أن يكون معها مراقب أو مشرف أو مدرب أو خبير في كل ثانية من زمن التدريب (وربما كان ذلك، ولكن لم يشار إليه في أي من المصادر)، بل كانت السيدة تتحدث وكأنها هي من يقوم بالمهمة وحدها (هي من طلبت من الطيار البقاء على ارتفاع كذا.. مثلاً).

• ومن جهة أخرى، إن إعطاء الإذن للطائرتين العسكريتين بالهبوط قبل الطائرة المدنية، تسبب في تأخر هبوط الطائرة المدنية من 3000 إلى 2000 قدم، كما طلب قائد الطائرة أكثر من مرة، لقد بقت الطائرة البوينغ في الجو انتظارا للإذن بالهبوط لمدة 11 دقيقة كاملة، وهو وقت طويل جداً، أنتهى وللأسف بالاصطدام المزعوم، حسب ما تم عرضه على لسان المشاركين.

لقد طُلب من الطيار البقاء على ارتفاع 3000 قدم نظراً لوجود حركة طيران عسكرية. كان ذلك أحد أسباب عدم السماح للبوينغ بالهبوط إلى ارتفاع 2000 قدم. لقد كان من الأولى ايقاف التدريبات العسكرية وإعطاء أولوية للطائرة المدنية بالهبوط، كما طلب الطيار أكثر من مرة، ورُفض طلبه أكثر من مرة. كان يجب أن تتوقف التدريبات العسكرية، ولو لدقائق معدودة فقط، حتى تهبط الطائرة المدنية التي تقل 157 إنساناً بسلام.

• تساؤل آخر يقول: لماذا ظهر تقرير لجنة التحقيق التي اختارها النظام في سبتمبر 1993م (الكارثة وقعت في ديسمبر 1992م)، أي بعد تسعة أشهر، والذي جاء فيه أن الكارثة سببها تصادم بين طائرة تدريب عسكرية وأخرى مدنية. فلماذا أخذ التقرير كل هذا الوقت، تساؤل ورد في الوثائقي أيضاً، وهو تساؤل في محله.

• ومن التساؤلات أيضاً: يُفترض أن الاصطدام في الجو نتج عنه انفصال ذيل البوينغ وجناح الميج، حسب ما أوردت لجنة التحقيق. فهل اصطدام طائرة ميج بذيل طائرة مدنية ينتج عنه فصل الذيل فقط، وانفصال جناح الميج فقط، الجناح الذي تسبب في انفصال الذيل، دون أن يتأثر باقي جسما الطائرتين المتصادمتين؟

نجد على لسان بعض المشاركين التأكيد على ذلك، ولكنه أمر صعب الاستيعاب، فإذا سلمنا أن جناح الميج هو سبب فصل ذيل الطائرة البوينغ عن باقي جسم الطائرة عند الاصطدام، ووجد الذيل سليماً كأنه قُطع بآلة حادة أو سكين. فكيف تصطدم طائرتان في الجو بسرعة عالية جداً، فينفصل الذيل سليماً، وينفصل جناح الميج فقط، بينما اصطدام سيارتان أو حتى دراجتان على الأرض، بسرعة أقل مئات المرات من سرعة الطائرتين، ينتج عنه ضررا وحطاماً، شبه تاماً، في أغلب الأحوال. الاصطدام يتأثر به – في الغالب – أكثر من جزء من المركبات المتصادمة، بصرف النظر عن جهة أو زاوية التصادم. اليس من الممكن – أيضاً – أن يسبب صاروخا أو مقذوفا نفس الشيء، أي يفصل الذيل عن جسد الطائرة؟ إذا تم ضرب ذيل الطائرة.

• ومن الشبهات أيضا أنه يوجد مزرعة أو استراحة خاصة بمعمر القذافي في منطقة المطار (شرق أو غرب المطار) محضور الطيران فوقها، أي أنها منطقة حظر طيران. فهل يمكن أن تكون الطائرة المنكوبة قد دخلت إلى هذه المنطقة (بالخطأ مثلاً) أثناء تحليقها انتظاراً للإذن بالهبوط، فتم اسقاطها.

فمن المعلوم أن مناطق حظر الطيران مزودة في الغالب برادارات وصواريخ تنطلق ذاتياً أو أوتوماتيكيا في حالة اختراقها. فهل انطلق صاروخ من محيط المنطقة المحضورة، أو هل أعطي أمر لطائرة ما
بقصفها؟ لأن الطائرة المنكوبة دخلت إلى ذلك المجال حتى عن طريق الخطأ، كما ذكرنا؟ وتم التكتم على هذا الأمر، حتى لا ترتبط الكارثة بمعمر القذافي، أو النظام بصفة عامة.

• شاهد قائد الطائرة التوين يتر (حسن الشريف) مقذوفين متجهين نحو الطائرة، ذكر حسن الشريف ذلك، وقال في البداية، إنه لم يتعرف عليهما (لم يعرف ما هما)، ثم في جزء آخر من الوثائقي، ذكر أنهما كراسي النجاة التي قفز منها طياري الميج. لم تحظ هذه اللقطة بتركيز يليق بأهميتها.

فهل كانت تلك المقذوفات كراسي النجاة؟ أم كانت مقذوفات أخرى؟ وهل من المحتمل أن تكون كراسي نجاة وصاروخ أيضاً؟ وكذلك كيف تتجه كراسي النجاة عند قذفها، إلى الأعلى، وفي اتجاه الطائرة البوينغ التي يفترض أنه تم التصادم معها؟ وهل وجود كراسي النجاة قرب طائرة في الجو تسقط بسرعة رهيبة لا يضر بالطيارين؟ وبمعنى آخر كيف نجا الطياران من تأثير الطائرة البوينغ عندما كانت كراسي النجاة في محيطها؟

• طائرات التدريب – في الغالب – لا تحمل ذخيرة حية (قنابل أو مقذوفات أو صواريخ)، فهل ذلك متبع في السلاح الجوي الليبي؟ وهل كانت طائرة التدريب (مارد1) مزودة بقنابل أو صواريخ؟ فإذا كانت الإجابة بـ “لا”، فذلك صك براءة مؤكد للطيارين من تهمة قصف الطائرة البوينغ، وإذا كانت تحمل ذخيرة حية، فهل في ذلك تجاوز لقوانين التدريبات؟

• صحيح أن سقوط الطائرة البوينغ بشكل متكامل قد يلغي فرضية تفجيرها في الجو، ولكن ذلك لم يلغ احتمال وجود شحنة مواد متفجرة، أنفجرت عند اصطدامها بالأرض، ما قد يُفسر الحالة التي انتهت إليها الطائرة، وأنتهت إليها جثث الضحايا. فإما أن الطائرة تم قصفها أو تفجيرها في الجو، أو أنها كانت ملغمة وأنفجرت عند ارتطامها بالأرض. وإلا كيف نفسر الحالة التي أنتهت إليها الطائرة والحالة التي أنتهت إليها جثث الضحايا.

خلاصة

مهما كان سبب الكارثة، وبصرف النظر عن كافة التبريرات، واعترافات الطيارين، فالعوامل التالية ساهمت بل أدت إلى الكارثة:

• استخدام مطار طرابلس المدني للتدريبات العسكرية، عندما كان مطار معيتيقة العسكري تحت الصيانة، يعتبر خطأ استراتيجي، فقد كان من الممكن نقل التدريبات إلى قاعدة جوية عسكرية بعيدة عن المطار المدني.

• إذا استبعدنا نظرياً، وجود طائرة عسكرية رابعة (طائرة اللواء السوري- كما تواتر)، فقد تواجدت خمس طائرات (على الأقل) كانت في الجو في نفس الوقت (طائرة مدنية، وثلاث طائرات عسكرية، وطائرة حقول نفطية)، يتبع كل منها نظام اتصال يختلف، وكل منها يسعى للإقلاع أو الهبوط.

بجانب أن الحركة العسكرية كان مسؤول عنها مراقب عسكري، والحركة المدنية كان مسؤول عنها مراقب مدني، وبالتالي فإن الطيران العسكري يتصل على ذبذبة تختلف عن الذبذبة التي يتصل بها الطيران المدني.

ما سبق يعتبر مشهداً كارثياً: عمليات إقلاع وهبوط، طائرات عسكرية، وأخرى مدنبية، نفس المطار، نفس المدرج، نفس التوقيت، أنظمة اتصال مختلفة ومفصولة.

• كان يجب – على الأقل – أن لا تُفصل منظومات الاتصال بين الطيران العسكري والمدني.
• كان يجب إلغاء او ايقاف أو تأجيل التدريبات العسكرية بمجرد أن تكون طائرة مدنية في الاجواء.

• كان يجب ان تكون المتدربة تحت اشراف ومتابعة ومراقبة خبراء في كل ثانية أثناء أداء مهامها. خاصة عند القيام بمهام حقيقية تتضمن (هذه المهام) طائرة مدنية تحمل أرواح 157 انسان.

• أعتقد أن إرسال الصندوق الأسود إلى روسيا، البلد المصنع للطائرة، خطاء، فحتى إن وجد عيباً ذوعلاقة بالطائرة، مثلاً، فلن تكشف عنه، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فروسيا – كما نوهنا – كانت من حلفاء النظام العسكري، ولن تُفشي معلومات من شأنها توريط النظام.

• ما زال سبب اهتزاز الميج وهي على ارتفاع 1600 متر (3000 قدم) يحتاج إلى مراجعة وتدقيق.

• أعطيت الطائرتان العسكريتان (ليست طائرة التدريب وليست البوينغ) على ارتفاع 600 متر (1800 قدم)، الإذن بالهبوط، ثم أعطي بعد ذلك مباشرة الإذن لطائرة التدريب العسكرية بالإقلاع، بينما كانت الطائرة البويغ وعلى متنها 157 إنسانا تحلق وتنتظر الإذن بالهبوط، كان يجب أن تُعطى الأولوية لها بالهبوط.

• وجود منطقة حظر طيران، قريبة جداً من مطار مدني، خطاء كبير. مناطق حظر الطيران تكون في الغالب فوق مناطق عسكرية أو قواعد عسكرية أو قصور رئاسة، او مؤسسات حساسة، أو معسكرات… إلخ. أما أن تكون منطقة حظر طيران بسبب وجود مزرعة أو استراحة، بجانب مطار مدني، فذلك أمر مرفوض. فجنوح الطائرات والدخول إلى هذه المناطق المحظورة أمر وارد، هذا من جهة، ومن جهة أخر، فإن تقاطع مسار البوينغ والطائرة الميج (ما سبب الاصطدام المزعوم)، كان بسبب جنوح الطائرة الميج الى اليسار لتتفادى منطقة حظر الطيران المذكورة، فكان التصادم. وبصيغة أخرى، لو لم تكن هناك منطقة حظر طيران، لما حدث التقاطع بين الطائرتين ولأمكن تفادي التصادم، بحسب ما جاء في الوثائقي.

• عدم نشر نتائج التحقيق مبكراً، يثير تساؤلات كثيرة.
• يفترض أن الطيران العسكري على علم بوجود طائرة مدنية على ارتفاع 3000 قدم، فكان على الطيار العسكري تجنب التواجد عند ذلك الارتفاع.
• تصريح بكار قبل موته قائلا ” القضية ليست قضية حصار ولا قطع غيار.. القضية أبعد من ذلك.. وستظهر الحقيقة”، لماذا صرح بكار بذلك؟ ماذا كان يقصد، بأبعد من ذلك؟ ما هي المعلومات التي وصلت إليه أو تلقاها وجعلته يصرح بذلك، وبكل ثقة؟

مما سبق من ملابسات وتحليلات وأقوال وتحقيقات، أرجح (حتى ظهور أدلة جديدة قاطعة) الاحتمالات أو أحد الاحتمالات التالية:

• أن الطائرة ربما أسقطت بمقذوف من طائرة أخرى (ربما طائرة رابعة – كما ورد) .

• بصرف النظر عن أسباب السقوط، ربما كانت هناك شحنة من مواد متفجرة (ذات طابع غاية في الخصوصية والسرية كانت موجودة بالطائرة، قد يكون المقصود نقلها إلى طرابلس، ليس بنية تفجير الطائرة (وهي أيضا جريمة لو صح ذلك)، وهذا ما قد يشرح تواجد عبد الله السنوسي للإشراف على مثل هذا الأمر. وهذا أيضا ما قد يُفسر الحالة التي انتهى إليها جسم الطائرة من ذوبان وتفحم جثث الضحايا، جراء تفجر هذه المواد عند ارتطام الطائرة بالأرض.

• وحتى لو كان حادث تصادم عرضي غير مقصود، فالنظام مسؤول – لأنه أخلط الطيران العسكري بالطيران المدني، وفصل منظومتي الاتصال. لقد كان فضاء المنطقة يعج بنشاط الطيران، طائرات عسكرية تقلع وتهبط في وجود طائرة مدنية. عُبر عنها بجملة تقول: “وجود حركة طيران عسكرية.”

وهكذا..
يلف الغموض حوادثنا وحروبنا ووقائعنا دائماً، لا شفافية ولا معلومات ولا أسباب ولا تأكيد ولا محاسبة ولا توثيق مهني، ولا إجراءات ولا تغيرات وتعديلات تضمن عدم تكرار مثل تلك الحوادث، بل حيرة وتخبط وارتباك وتسييس وغموض وتغطية وتستر واستغلال رخيص لكوارثنا في مصلحة الأنظمة الفاسدة. وفوق كل ذلك لا قيمة لحياة الإنسان، ولا قيمة للأوطان.

وفي الختام:
أوصي بفتح التحقيقات في هذه الكارثة من جديد، تحقيق محايد دقيق مهني موضوعي عادل، يشمل معاينة ما تبقى من الطائرة، إن كان هناك من بقايا. تحقيقات تشمل بالطبع توثيق كافة التفاصيل بدقة متناهية. وكذلك لا بأس من نصب تذكاري يُذكر فيه أسماء الضحايا وملابسات الواقعة، مع التعويض المادي والمعنوي والقانوني للضحايا وأهالي الضحايا.

و شخصياً، لا أستبعد ولا أؤكد أي من السيناريوات الخمسة التالية:
• الحادث العرضي.
• الإسقاط المتعمد من طائرة رابعة.
• التلغيم.
• الاصطدام العرضي مع القصف من طائرة أخرى (اصطدام وقصف في نفس الوقت).
• شحنة متفجرات في الطائرة لم يقصد بها تفجير الطائرة.
وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نترحم على أرواح الشهداء، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمدهم برحمته وأن يحشرهم في الفردوس الأعلى، مع الأنبياء والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا، وأن يُلهم أهلهم وذويهم والوطن، الصبر والسلوان، وأن يعوضهم معنويا وماديا وقانونيا. والله من وراء القصد.

قائمة ضحايا – الرحلة 1103
شملت قائمة الضحايا:
• الطاقم الفني: عدد 4، طاقم الضيافة: عدد 6، الطاقم الفني الإضافي عدد 5، مهندسو الصيانة الأرضية: عدد 3، عدد الركاب الليبيون: 99، عدد الركاب الأجانب: 40.

وفيما يلي، أسماء ضحايا الطائرة المنكوبة.
علي عبد المالك الفقيه (قائد طيار)، محمود عيسى (مساعد طيار)، عبد الجليل الزروق (مساعد طيار متدرب)، سالم محمد أبو ستة (مهندس جويِّ).

طاقم الضيافة:
محمد علي بن عمر (رئيس طاقم ضيافة)، عبد الوهاب شعبان بكرة (مضيف جوي)، خيـري محمـد منيـدي (مضيف جوي)، أحمـد الأمين الجعفـري(مضيف جوي)، إلهـام عبد السلام بيران (مضيفة جوية)، وفـاء أسعد الزنتاني (مضيفة جوية).

طاقم هندسة طيران وصيانة:
كان على متن الطائرة مهندسون و طيارون متوجهون إلى مطار طرابلس لأداء مهام منوطة بالطيران والصيانة و هم:

مهندسو الصيانة الأرضية:
محمد سالـم العبيـد (كبير مهندسي الصيانة)، ناصر إبراهيم الحداد (مهندس صيانة)، فؤاد عبد الجواد عمير (مهندس صيانة).
الطاقم الفني الإضافي :
عبد السلام محمد الربيعي (مهندس جويِّ)، نوري أحمد المزوغــي (قائد طيــار)، صالح محمــد جعـودة ( قائد طيــار )، طه حسين الغنــــاي (طيــــار )، نجيب حمــزة محفـوظ (طيــــار ).

قائمة الركاب الليبيين، مرتبة حسب الحروف الأبجدية:
إبراهيم عبد الله، إبراهيم علي، أبو بكر صالح حافظ، الأبيض صالح، أحمد إسماعيل، أحمد عبد العليم الأوجلي، أحمد عمر الفرجاني، أحمد محمد، أحمد ناصر الأسكندراني، بن عزوز عباس، تامر أحمد الأسكندراني (رضيع)، توحيدة بدر، جمال المقمّز، جمال محمد مسعود الطرابلسي، حسين حورية، حمد سامح، خالد حسن الحداد،خديجة عثمان الأوجلي، خديجة علي، دكتور سعد بن حميد (أُستاذ جامعي – استاذي في الرياضيات في كلية العلوم)، رجب المغربي (رئيس تحرير جريدة الرقيب)، رضا أبو قصة، رمضان نجم، زينب المصري (أستاذة جامعية)، سالم الشريف (حكم كرة قدم)، سامي محمود، سعد عبد الله حشاد، سعد ونيس العرفي، صالح سالم العماري، صالح محمد محمد، ضياء محمد، طارق عوض عبد الحليم، عادل عوض السعداوية، عالية داوود، عبد الجواد مختار، عبد الحميد العباني، عبد السلام بالعيد فرج، عبد السلام جبريل، عبد العزيز الترهوني، عبد الكريم إسماعيل، عبد الله الأصفر، عبد الله رافع أبوزعكوك، عبد الله صالح، عبد الله محمد بن قدارة، عبد المنعم أحمد الشافعي، عبد النبي حميدة، عبد الهادي مسعود، عبدالعاطي احداش، عزمي البدري،عصام عوض السعداوية، علي طه، عوض ميلاد حسين، عياد أبو بكر مفتاح، عياد الترهوني، غزالة داوود، فايزة الشاعري، فتحي سالم محمد، فتحية الهمالي، فتحية عبد المقصود، فرج المشيطي، فرج حسن المصلي، فرج محمد صالح، فوزي محمد أبو زر، كمال الطيب، ماجد زيدان، مبارك عطية، محمد إبراهيم، محمد احمد، محمد المبروك (رضيع)، محمد حسن زيدان، محمد سالم الفرجاني، محمد سالم محمد، محمد صالح، محمد عمران علي، محمد محمد عثمان، محمد مصباح، محمد موسى المسماري، مصطفى عبد الفتاح، مصطفى عمر مصطفى، معز الدين حسن، منير زيو، موسى حميد شاكر، ناجي الثالوثي، ناصر بشوّن، نعيمة محمد مسعود الطرابلسي، وليد محمد عبد القادر، ياسين محمد.
قائمة الضحايا من غير الليبيين:
إبراهيم عبد العزيز علي يوسف (مصر)، أحمد جلال أبو الفتوح (مصر)، أسامة محمد صادق ( مصر)، أشرف فهمي طايل (مصر)، أمانويل مافاسود (؟)، أوكبتين كواستي (؟)، بدرية رضا ( بنغلاديش)، بسام عبد الغني خميس (مصر)، تشوي (؟)، جمال فهمي محمود ( مصر)، جمعة عبد العزيز سلامة (مصر)، حسام وفاء رضا (بنغلاديش)، رضا بديع النقطي ( بنغلاديش)، رضا يحاتي (؟)، سامي حسن أبو علي (مصر)، سعيد رشاد عبد الحليم (مصر)، سليم رضا ( بنغلاديش)، السيد صبحي المغربي (مصر)، سيد عبد الله نجيم علي ( مصر)، شريف محمود طايل (مصر)، صبحي محمد (مصري)، عباس إبراهيم عباس عجلان (مصر)، عبد الباقي مصطفى ( مصر)، عبد الرحمن علي الجمل (مصر)، عبد العالي إبراهيم (مصر)، عبد الفتاح محمود( مصر)، عبد الله علي (؟)، عبد المنعم محمد محسن (مصر) ،فالانتين إفانوف (؟)، سانتو ميكاليف (؟)، فيكتور فرازاك (؟)، م. شيفيان (؟)، مجدي عبد السميع عباس (مصر)، محمد بو تاريو (؟)، محمد رضا ( بنغلاديش)، مهند رضا (بنغلاديش)، ناجية إبراهيم (؟)، ناصر عبد العزيز جاد (مصر)، نبيه رضا (بنغلاديش)، نوني مدينة (؟).

د. فتحي علي الفاضلي
29-06-2024م

المراجع:
• المنارة للاعلام – القصة كاملة: فى ذكرى حادث سقوط طائرة الخطوط الجويه الليبيه فى 22 -12-1992 – 22-12-2022
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=6128380537174175&id=290582694287351&set=a.291821134163507
• الأستاذ أسعد صالح، المهندس فوزي نجم، الطيار صلاح بوغزيِل (تقرير حول الرحلة). جنيف – سويسرا ‏22‏/12‏/2004.

• كارثة الرحلة 1103 – قناة الجزيرة – 29 يونيو 2019
https://www.aljazeera.net/programs/black-box/2013/6/29/%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%AB%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-1103
• المنارة للاعلام – القصة كاملة: فى ذكرى حادث سقوط طائرة الخطوط الجويه الليبيه فى 22 -12-1992 – 22-12-2022
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=6128380537174175&id=290582694287351&set=a.291821134163507
• نبض
https://nabd.com/source/2124-dad990/%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9+%D9%84%D8%A7%D9%85
• تورس- يوم 05 – 12 – 2009 – في الذكرى السابعة عشر لحادث طائرة البويتغ 727 – نشرت في الفجر نيوز
https://www.turess.com/alfajrnews/23337
• تورس – في الذكرى الثامنة عشر لحادث طائرة البوينج 727- نشرت في الحوار نت يوم 14 – 05 – 2011 (727): الرابط: https://www.turess.com/alhiwar/17896
• قائمة بأسماء شهداء طائرة البوينغ الليبية المنكوبة رحلة 1103 – 22 ديسمبر 1992 م
https://www.facebook.com/LibyaBuild2011/posts/%D9%87%D8%B0%D9%87-%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%B4%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D9%8A%D9%86%D8%BA-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D9%83%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-1103-22-%D8%AF%D9%8A%D8%B3%D9%85%D8%A8%D8%B1-1992-%D9%85/500041790168927
• منتديات الرياينة: كارثة الرحله رقم 1103 من بنغازي الي طرابلس
https://alryyna.alafdal.net/t302-topic

مشاركة