لا تنجروا إلى معركة برقة، والانفصال، والفيدرالية، والسور، والتقسيم، والغرابة، والشراقة، وما يتبعها من مصطلحات، وآراء، وأفعال، ومواقف، وتصريحات، ومناكفات، فوراء هذه الدعوة المسمومة دوائر استخباراتية على رأسها الاستخبارات الإسرائيلية والمصرية (كل حسب مصالحه)، بالتعاون بوعي، أو بغير وعي مع حثالة من المجتمع البرقاوي.
أهل برقة كغيرهم، منهم بالطبع الصالح والطالح؛ لكنهم في العموم أناس أخيار، وانظروا إلى الشريحة التي تركت وطنها وهاجرت إلى المنطقة الغربية، وانظروا أيضا إلى الشريحة من المقاتلين الذين تصدوا لمشاريع مصر، وفرنسا، وروسيا، والإمارات، وقاتلوا ميليشيات خليفة، فهم أيضا من أهل برقة.
وما نراه على الفضائيات وعبر قنوات التواصل الاجتماعي من الشريحة المتخلفة الذين يعبدون أحذية المستبدين، مِن مَن يُسمون أنفسهم بالإعلاميين، والنخب، والكتاب، وبعض أعضاء ما يسمى ظلما بمجلس النواب، ومن تبعهم من أكلة التبن، والهبود، ومن يريدون الذهاب بدون أحذية للكيش، ومن يضرب التحية لصور المعتوه، ومن يبجل ويمدح ويتغنى للظالم والمجرم والقاتل، كل هؤلاء وغيرهم لا يمثلون أهل برقة، بل بعضهم ليسوا بليبيين انتماء ولهجة ومولدا وجنسية، وأضيف إليك، ليسوا جميعهم من أهل برقة، بل من جميع أنحاء ليبيا.
روسيا ومصر وفرنسا لم يمانعوا التقسيم، بل ربما يدفعون نحوه بقوة إن استطاعوا، بسبب إستراتيجيات تراها روسيا في صالحها (قواعد ونفوذ وبوابة لإفريقيا) وفرنسا لا يهمها التقسيم؛ لأنّها تطمع في ضم فزان إلى مستعمراتها القديمة، وربما بدأ الصدام بين فرنسا وروسيا عقب اغتيال دبي، واستخدام الميليشيات التشادية في ذلك بدعم من روسيا وخليفة بغرض إزاحة فرنسا من إفريقيا، ومن جهة أخرى تقف أمريكا وتركيا ضد التقسيم لأسباب اقتصادية وأمنية لا يسع المقام للتفصيل فيها.
مصر تريد ـ إذا ـ أن تستولى على برقة، وروسيا وفرنسا تعتبران التقسيم في صالحهما، والإمارات لا يهمها إلا العقود التي تريدها، وليذهب الليبيون إلى الجحيم.
فلا تكن ـ دون أن تدري ـ معولاً يحطم وطنك لصالح أعداء وطنك، ناهيك من أنّ هذه المعركة ليست من معارك ثورة 17 فبراير، فلم يستشهد فلذات أكباد الوطن في 2011 من أجل تقسيم الوطن، بل استشهدوا من أجل بناء الوطن.
اعلم ـ مرة أخرى ـ أنّ أهل برقة كغيرهم من أهل ليبيا من الأخيار في العموم، وسندرك هذا عندما تتحطم الآلة العسكرية لميليشيات خليفة، وينزاح غبار المعركة، وتتعرى شريحة الهبود، ويظهر الناس على حقيقتهم.
لقد ظنّ العالم أنّ معمر قد استعبد الليبيين وأذلهم وأرعبهم؛ لكن عندما حانت الفرصة، وتخلخلت الآلة العسكرية القذّافية، خرج الشعب الليبي على النظام الاستبدادي عن بكرة أبيه تقريبا، فالنظام كان مختفيا خلف جدار من آلة عسكرية رهيبة.
ومرة أخرى، لا تشارك في تحقيق إستراتيجيات دوائر استخباراتية لا يرقبون فيكم (شراقة أو غرابة أو فزازنة) إلا ولا ذمة.
تحياتي..
فتحي الفاضلي – طرابلس
20-07-2021م