لن نعود للقيود
“أهلا فبراير“
لأول مرة في تاريخهم يعرف الليبيون كيف يكون عبير الحرية بعد سنوات من ظلمة المستعمر انتهت باستقلال منحه لهم الآخرون وانقلاب عاشوا مرارة عبوديته بأغلال تفوق أغلال المستعمر هلَّ عليهم فبراير 2011 ليكون للحرية موعدٌ مع إرادة هذا الشعب وطموحه في أن يكون سيداً فوق أرضه كما خلقه ربه لا كما يريد له المدلسون،
“طعم الحرية“
في فبراير 2011 كان لطعم الحرية مذاقٌ آخر مضمخٌ بعبير دماء الشهداء مختلطٌ بأنفاس المجاهدين في سبيل الحرية والكرامة مزدانٌ بأنوار رصاص الثوار وهم يدكون آخر حصون الظلام في باب العزيزية،
لقد كانت لحظةً تاريخية ومنعطفاً في حياة هذا الشعب وموقفاً مميزاً لم يسبق له مثيل، الشعب الليبي يختطف حريته وسيادته بيده وبإرادته وبرغبته وبجموحه وبسواعد أبنائه لم يهبه أحدٌ هذه الحرية لا منظمة الأمم ولا دول العالم المتقدم ولا ميثاق جامعة ولا معاهدةٌ دولية بل بأفعال الرجال وروح الشباب وتضحيات الآلاف من أبنائه، لقد كان لطعم الحرية في فبراير مذاقٌ آخر ولونٌ آخر وعبيرٌ آخر.
“أبحر مركب فبراير“
لقد سار مركب فبراير وسط بحرٍ متلاطم الأمواج كانت تأتيه الرياح من كل جانب تارةً من شواطئ بعيدة ترمقه وهي تتحين الفرص لإغراقه فهذا المركب قد خرج عن السرب واختط لنفسه طريقاً لا يساير طرقهم ولا يتماشى مع تياراتهم وجوده يقلقهم ونجاحه يشتمهم وتقدمه نحو المستقبل يُطمع ساكني تلك الشواطئ بانتهاج ذات النهج وسلوك نفس السبيل وهذا ما يجعل الشياطين التي تدير تلك الشواطئ يجن جنونها وترسل رياحها لتقلب المركب أو تعيده إلى تياراتها.
سبعٌ مرت يصفها البعض بالعجاف ويراها المخلصون سبع أعوام ابتلاءٍ وتمحيص ليسلم المركب لابد أن يتركه المنافقون ويقفز منه من امتطاه لمصلحةٍ وليس لمبدأ وسواء كانت السبع عجافا أو ابتلاء فإنها لم تنجح في أن تكسر المركب وهذا هو المهم وتلك هي الفائدة فالرياح التي لا تكسر المركب ستوصله إلى غايته والأمواج التي لا تغرقه ستحمله إلى هدفه المنشود وستزيد من شدة سواعد أبنائه ومن خبرتهم في مواجهة الأمواج وستصقل تجاربهم وتوسع مداركهم وتقوي أجسادهم وعزائمهم وتزيد وقدة الإيمان في قلوبهم ليصيرواً أهلاً للمستقر الذي تسير إلى مركبهم.
هل انطفأت الشعلة بعد هذه السنين؟
هل فترت الهمم بعد هذه الأمواج؟
هل تعبت الأنفس بعد مصارعة الرياح؟
“كلا“
كلا لم يحدث فأبناؤها الحق الذين ذاقوا حلاوتها وعرفوا لذة القرب منها لازالوا على عهدهم ولم يبدلوا ولم يغيروا.
البعض يقارن حالنا بعدها بحالنا قبلها لكنه يُسيء المقارنة فينظر إلى جانب ويُغفل جوانب يتسأل عن غلاء الأسعار وارتفاع الدولار وغياب الأمان والتهجير من الأوطان ثم يجعل هذا من نتائج ثورة فبراير وهو لعمري أمرٌ مجحف وتهمةٌ باطلةٌ ودعوى من غير دليل،
فالثورة أرتنا من خيرها في أوائل أمرها ما لم نره من قبلها فهل ما حدث بعد ذلك كان من نتاجها أم من نتاج تلك الشواطئ البعيدة ورياحها العاتية وأمواجها المتلاطمة،
من الذي أقفل تصدير النفط؟
من الذي خرج على الشرعية بالقوة؟
من الذي رفض الدستور؟
من الذي انقلب على الحكومة وجمد الدستور وأعلن الأحكام العرفية؟
من ومن ومن؟
هل كان ذلك من نتائج الثورة أم من نتائج شياطين تلك الشواطئ البعيدة التي أرسلت الأموال وأطلقت علينا كلاب قنواتها فاشترت الرخيص من أنفس المذبذبين الذين باعوا لها الوطن بثمن بخس دراهم معدوداتٍ وكانوا فيه من الزاهدين.
“السنين العجاف لم تكن سبعا“
السنين العجاف لم تكن سبعاً بل كنَّ أربعاً سبقهن ثلاثٌ زرع الليبيون فيهن دأباً وأكلوا فيهن من بين أيديهم ومن تحت أرجلهم فلما تمالأت علينا شياطين الشواطئ وصبيانهم تحولت السنين إلى العجاف فمنذ انقلاب حفتر المشؤوم وجريمة الجضران المنكرة ومظاهرات المكانس المشرَّعة تغير الحال وانقلبت الأحوال وأصبح النعيم بؤساً وقهراً وظلما، فلما تُحمّلون العفيفة الشريفة أفعال غيرها من المجرمين والطغاة.
“انصفوا فبراير“
إن كل متابعٍ منصفٍ ليعلمُ علم اليقين ماذا كانت نتائج فبراير وماذا كانت نتائج الانقلاب على فبراير،
فبراير جلبت الحرية والأمن والرفاهية والعيش الرغيد والأمل المشرق في غدٍ يرفل فيه الوطن في ثياب العزة والاستقرار والتقدم لكن ما نحن فيه اليوم فهو نتاج الانقلاب على فبراير وليس نتاج فبراير هذا بات واضحاً لكل ذي عقل وفهم إذا أراد أن يكون منصفاً ومقسطاً وعادلاً في حكمه.
“سنحتفل“
سنحتفل كما احتفلنا في كل عام سنخرج لنعبر على أننا رغم كل شيء لن نعود للوراء لن نعود لنعبد صنماً بعد أن كسرنا سلفه ولن نفرط في حريتنا بعد أن تنشقنا عبيرها ولن ندخل حظيرةً منَّ الله علينا بالخلاص منها.
لن نعود للقيود
قد تحررنا وحررنا الوطن الله أكبر