الدولة العثمانية نشأت في أوائل القرن الثامن الهجري سنة 699 هـ، الموافق 1299 م، كانت دولة من الدول الكبيرة، لها تاريخ طويل، ولها أيادٍ بيضاء كثيرة على العالم الإسلامي، وعمرها كان 600 عام أو أكثر، وإن من طبيعة الدولة التي يمتد عمرها لفترات كبيرة أن تظهر فيها بعض فترات القوة ومواطن الضعف في فترات أخرى كما يقول رب العزة سبحانه وتعالى (وتلك الأيام نداولها بين الناس) الآية.
والدولة العثمانية بقيت أكثر من 600 سنة، وأول 200 سنة منها كانت زمن قوة، وبعدها بدأت تضعف نسبياً، حيث توقف نمو الدولة العثمانية حوالي 200 سنة، ثم بعد ذلك بدأت في الضعف التدريجي في آخر 200 سنة من عمرها.
حيث تعرّضت الخلافة العثمانية لسيل من الافتراءات والإهانات، والذم والقدح، وألصقت بها تهم لا عدّ لها ولا حصر، من عربٍ وعجم، عن علم ودراية ومكيدة أو دون ذلك من مقلّدين وناعقين ومثقفين ممن شرّبوا العلمانية وأعداء الإسلام في جامعات وكليات ومحافل الغرب ومن يدور في فلكهم.
تشويه تاريخ الخلافة الإسلامية
إن أبرز ما حاول هؤلاء إثباته -بل تثبيته ودسّه في المناهج الدراسية وفي مادة التاريخ تحديدًا-وصف الدولة العثمانية -أو قل الخلافة العثمانية-بالدولة الاستعمارية؛ استعمرت الوطن العربي واحتلته وكانت سببًا في تخلّف البلاد العربية الحاصل حاليًا (على حد زعمهم) في جميع المستويات، وعلى رأس ذلك المستوى الحضاري والعلمي والتكنولوجي.
مصطلح الاستعمار التركي أو العثماني المنتشر استعماله على ألسنة الناس وفي بطون المناهج الدراسيّة، ما هو إلا بضاعة غربيّة أو “ماركة غربية” فاسدة بل مسمومة هدفها تشويه تاريخ الخلافة الإسلامية وسلخ الشعوب العربية عن دينها الاسلامي، سرّ الانتصارات والغلبة والتفوّق على الآخرين وفي طليعتهم الغرب، هذه البضاعة وهذه الماركة سوّقها الغرب العلماني لمثقفين وقيادات ليبرالية وعلمانية عربية، إما مستأجرة الأقلام أو الهيئات، أو من حاقدين على الإسلام ومناهجه من العرب أنفسهم الذين أُقنعوا أو اقتنعوا بأن الخلافة العثمانية -وفي التالي الدين الإسلامي- هما سبب التخلف في الوطن العربي.
بعد سقوط الدولة والخلافة العثمانية تمزق المسلمون
إن الدولة العثمانية دولة إسلامية، وما الخلافة العثمانية أيضًا إلا امتداد للخلافة الإسلامية العامة منذ صدر الإسلام، مرورًا بالأموية والعباسية؛ فالدولة العثمانية حنفية المذهب، كانت تحكم به وتقضي على أساسه، وتدل سجلات الدولة نفسها على ذلك ومنها “مجلة الأحكام العدلية” وهو تقنين للتشريع الإسلامي وفق قواعد المذهب الحنفي.
وبما أن القرن السابع عشر الميلادي توافق مع الفترة الوسطى لتاريخ الدولة العثمانية فكان فيها نوع من الضعف وبدايات الانهيار في زمن عثمان الثاني وزمن مراد الرابع، زمن السلاطين الضعاف في تاريخ الدولة العثمانية، وتبع هذا الأمر ضعف السيطرة السياسية وضعف القوى الحربية ما أدى إلى ظهور شيء من الجهل وانتشار المخالفات الشرعية، وهذا كان ملازماً لهذه الفترة بشكل كبير.
وبعد سقوط الدولة والخلافة العثمانية تمزق المسلمون، وتفرقوا واستطاع الاستعمار السيطرة على بلادهم بعد تقسيمها دولة بعد أخرى، حتى احتل اليهود بيت المقدس وأرض فلسطين، وضاعت هيبة المسلمين بعد الخلافة، فإلى الله المشتكى.