اثنتا عشرة جثة مشوهة ومقطوعة الأطراف والأعضاء، بالكاد تعرَّف ذووها على بعضها، تم تسليمها للهلال الأحمر؛ الذي بدوره سلمها لمستشفى الزاوية التعليمي، ليرشح من هناك، أن التشويه والتعذيب وقطع الأطراف كان غالبا يمارس قبل عمليات القتل.
الدافع وراء التوحش:
يتساءل البعض، أنه بغض النظر عن الحرب الدائرة على أسوار طرابلس وعن دوافعها، كيف يصل الأمر بأحد الأطراف لهذه الدرجة من اللاإنسانية والتوحش وفقدان الشعور، خصوصا وهو يقاتل من يظنه ليبيا تم التغرير به واستخدامه.
توحش من طرف واحد:
غير أنه من اللافت؛ أن طرفا واحدا كان منذ بداية هذه الحرب يمارس هذا الإجرام بشكل متكرر ومتوال ومصور بهواتف القتلة أنفسهم، فمن حرق الجثث أمام مستشفيات بنغازي، إلى نبش القبور والرقص على رؤوس الضحايا، والقتل العلني في الشوارع، منه إلى دك الأحياء المكتظة في طرابلس، من “جيش” لا يتورع في تصوير أفراده سكارى في نهار رمضان يوجهون مدافعهم نحو المجهول.
تنوع الميليشيات مع الاتفاق على التوحش:
ظاهرة بدت للبعض تستحق الدراسة، فلماذا كان العامل المشترك بين ميليشيات حفتر التي تنوعت مشاربها وأيدولوجياتها ودوافعها؛ بين الدينية المتطرفة، والجهوية، والقبلية، والمرتزقة الذين تواترت صورهم وتحدثت وسائل إعلام عالمية عن الصفقات التي جلبتهم، لماذا اتفقت كل هذه الميليشيات على السادية والوحشية المفرطة؟
ربما يرى البعض أن الأولى التعجب من هذا التساؤل وليس العكس، فكيف لمن حسنت فطرته واستقامت تربيته، واستقرت نفسيته، ورجح عقله، أن يتصدر حربا للدفاع عن حق حفتر المزعوم في خلافة القذافي؟ بعد أن سقطت عنه كل أقنعة دولة القانون، وادعاء محاربة الإرهاب، وكشفت سرقات ابنه التاريخية ومتاجرته بكل ما يمكن بيعه في برقة؛ ادعاءات محاربة ميليشيات الفساد! فلا بد لمثل هذا من محاربين كهؤلاء، ليستقيم الفهم، وتتوافق السنن، وتستقر الفطر، ويثبت الحق ويندحر الباطل.
هل كانت قوات الوفاق أحسن حالا؟
ولعل مقارنة بسيطة بين أحوال الأسرى الذين وقعوا في أيدي قوات الجيش الليبي في مدينة الزاوية، فزارهم أهلهم واحتفلوا بعيد الأضحى مع سجانيهم، وبين مصير كل من وقع تحت أيدي كل من بايع مجرم الحرب حفتر، يجلي الغبش عمن كان له بقية نية صالحة في إدراك الحق.